ومن أصول ضلالهم ظنهم أن هذا تنزيه عن التشبيه ، وأنهم متى وصفوا بصفة إثبات أو نفي كان فيه تشبيه بذلك . ولم يعلموا أن ، أو أن يجعل شيء من صفاته مثل صفات المخلوقين ; بحيث يجوز عليه ما يجوز عليهم ، أو يجب له ما يجب لهم ، أو يمتنع عليه ما يمتنع عليهم مطلقا . التشبيه المنفي عن الله هو ما كان وصفه بشيء من خصائص المخلوقين
فإن هذا هو التمثيل الممتنع المنفي بالعقل مع الشرع ، فيمتنع وصفه بشيء من النقائص [1] ، ويمتنع مماثلة غيره له في شيء من صفات الكمال ، فهذان جماع لما ينزه الرب تعالى عنه ، كما بسطنا ذلك في مواضع كثيرة .
وعلى هذا وهذا دل قوله تعالى : ( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ) [ سورة الإخلاص ] ، كما قد بسطنا ذلك في مصنف مفرد في تفسير هذه الشواهد [2] .
فأما الموافقة في الاسم ، كحي وحي ، وموجود وموجود ، وعليم وعليم - فهذا لا بد منه ، ويلزم من نفى هذا التعطيل المحض ; فإن كل [ ص: 30 ] موجودين قائمين بأنفسهما ، فحينئذ [3] لا بد أن يجمعهما اسم عام يدل على معنى عام [4] ، لكن المعنى العام [5] لا يوجد عاما إلا في الذهن ، لا [6] في الخارج .
فإذا قيل : هذا الموجود وهذا الموجود مشتركان في مسمى الوجود ، كان ما اشتركا فيه لا يوجد مشتركا إلا في الذهن لا في الخارج [7] ، وكل موجود فهو يختص بنفسه وصفات نفسه ، لا يشركه غيره في شيء من ذلك في الخارج ، وإنما الاشتراك هو نوع من التشابه والاتفاق ، والمشترك فيه الكلي لا يوجد كذلك إلا في الذهن ، فإذا وجد في الخارج لم يوجد إلا متميزا عن نظيره ، لا يكون هو إياه ، ولا هما في الخارج ، مشتركان في شيء في الخارج .
فاسم الخالق إذا وافق اسم المخلوق ، كالموجود والحي - وقيل : إن هذا الاسم عام كلي ، وهو من الأسماء المتواطئة أو المشككة [8] - لم يلزم من ذلك أن يكون ما يتصف به الرب من مسمى هذا الاسم قد شاركه فيه المخلوق ، بل ولا يكون ما يتصف به أحد المخلوقين من مسمى هذا الاسم قد شاركه فيه مخلوق آخر ، بل وجود هذا يخصه [ ص: 31 ] ووجود هذا يخصه ، لكن ما يتصف به المخلوق قد يماثل ما يتصف به المخلوق ، ويجوز على أحد المثلين ما يجوز على الآخر .
وأما الرب سبحانه وتعالى فلا يماثله شيء من الأشياء في شيء من صفاته ، بل التباين الذي بينه وبين كل واحد من خلقه في صفاته ، أعظم من التباين الذي بين أعظم المخلوقات وأحقرها . وأما المعنى الكلي العام المشترك فيه ، فذاك - كما ذكرنا - لا يوجد كليا إلا في الذهن .
وإذا كان المتصفان به بينهما نوع موافقة ومشاركة ومشابهة من هذا الوجه ، فذاك لا محذور فيه ; فإنه [9] ما يلزم ذلك القدر المشترك من وجوب وجواز وامتناع فإن الله متصف به ، فالموجود من حيث هو موجود ، أو العليم أو الحي ، مهما قيل : إنه يلزمه من وجوب وامتناع وجواز ، فالله موصوف به ، بخلاف وجود المخلوق وحياته وعلمه ، فإن الله لا يوصف بما يختص به المخلوق من وجوب وجواز واستحالة ، كما أن المخلوق لا يوصف بما يختص به الرب من وجوب وجواز واستحالة .
فمن فهم هذا انحلت عنه إشكالات كثيرة ، يعثر فيها كثير من الأذكياء ، الناظرين في العلوم الكلية والمعارف الإلهية ، فهذا أحد أقوالهم في الوجود الواجب ، وهو المطلق بشرط الإطلاق عن النفي والإثبات ، وهو أكملها في التعطيل والإلحاد .
والثاني قول وأتباعه : إنه هو الوجود المقيد ( * بالقيود السلبية [ ص: 32 ] لا الثبوتية ، وقد يعبر عنه بأنه الوجود المقيد * ) ابن سينا [10] تارة [11] لا يعرض له شيء من الماهيات ، كما يعبر الرازي وغيره .
وهذه العبارات - بناءا على قولهم : إن الوجود يعرض للماهية الممكنة . فإن للناس ثلاثة أقوال : قيل : إن الوجود زائد على الماهية في الواجب والممكن ، كما يقول ذلك أبو هاشم وغيره ، وهو أحد قولي الرازي ، وقد يقوله بعض النظار من أصحاب وغيرهم . أحمد
وقيل : بل الوجود في الخارج هو الحقيقة الثابتة في الخارج ، ليس هناك شيئان ، وهذا قول الجمهور من أهل الإثبات ، وهذا قول عامة النظار من مثبتة الصفات من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم ، لكن ظن الشهرستاني والرازي والآمدي ونحوهم أن قائل هذا القول يقول : إن لفظ الوجود مقول بالاشتراك اللفظي ، ونقلوا ذلك عن وغيره ، وهو غلط عليهم ; فإن أصحاب هذا القول هم جماهير الخلق من الأولين والآخرين ، وليس فيهم من يقول بأن لفظ " الوجود " مقول بالاشتراك اللفظي ، إلا طائفة قليلة ، وليس هذا قول الأشعري وأصحابه ، بل هم متفقون على أن الوجود ينقسم إلى قديم ومحدث ، واسم الوجود يعمهما . الأشعري
لكن ينفي الأحوال ، ويقول : العموم والخصوص يعود إلى الأقوال ، ومقصوده أنه ليس في الخارج معنى كلي عام ، ليس مقصوده أن الذهن لا يقوم به معنى عام كلي . الأشعري
[ ص: 33 ] وهؤلاء الذين قالوا : إن من قال : وجود كل شيء هو نفس حقيقته الموجودة ، إنما هذا هو قول بالاشتراك اللفظي ; لأنهم قالوا إذا جعلنا الوجود عاما من الألفاظ المتواطئة المتساوية ، أو المتفاضلة [12] التي تسمى المشككة ، وقلنا : إن الوجود ينقسم إلى واجب وممكن ، وقديم ومحدث ، كان النوعان قد اشتركا في مسمى الوجود ، وهو كلي مطلق ، فلا بد أن يتميز أحدهما عن الآخر بما يخصه ، وهو حقيقة ; فيلزم أن يكون لكل منهما حقيقة غير الوجود .
فمن قال إن الشيء الموجود في الخارج ليس شيئا غير الحقيقة الموجودة في الخارج ، لم يمكنه أن يقول : لفظ الوجود يعمهما ، بل يقول : هو مقول عليهما بالاشتراك اللفظي .
وهذا غلط ضلت فيه طوائف ، كالرازي وأمثاله .
بيان ذلك من ثلاثة وجوه : أحدها : أن يقال : لفظ الوجود كلفظ الحقيقة ، وكلفظ الماهية ، وكلفظ الذات والنفس ، فإذا قلتم : الوجود ينقسم إلى واجب وممكن ، أو قديم ومحدث - كان بمنزلة قولكم : الحقيقة تنقسم إلى واجبة وممكنة ، أو إلى قديمة ومحدثة ، وبمنزلة قولهم : الذات تنقسم إلى هذا وهذا وهذا ، والماهية تنقسم إلى هذا وهذا ، ونحو ذلك من الأسماء العامة ، وبمنزلة قولهم : الشيء ينقسم إلى واجب وممكن ، وقديم وحادث .
وحينئذ فإذا قلتم : يشتركان في الوجود أو الوجوب [13] ، ويمتاز أحدهما [ ص: 34 ] عن الآخر بالحقيقة أو الماهية [14] - كان بمنزلة أن يقال : يشتركان في الماهية أو الحقيقة [15] ، ويمتاز أحدهما عن الآخر بالوجود أو الوجوب [16] .
فإن قلتم : إنما اشتركا في الوجود العام الكلي ، وامتاز كل منهما بالحقيقة التي تخصه .
قيل : وكذلك يقال : إنما اشتركا في الحقيقة العامة الكلية ، وامتاز كل منهما بالوجود الذي يخصه ; فلا فرق حينئذ بين ما جعلتموه كليا مشتركا [17] ، كالجنس والعرض العام ، وبين ما جعلتموه مختصا مميزا جزئيا ، كالفصل والخاصة . لكن عمدتم إلى شيئين متساويين في العموم والخصوص ، فقدرتم أحدهما في حال عمومه ، والآخر في حال خصوصه ، فهذا كان من تقديركم ، وإلا فكل منهما يمكن فيه التقدير كما أمكن في الآخر ، وكل منهما في نفس الأمر مساو للآخر في عمومه وخصوصه ، وكونه مشتركا ومميزا ، فلا فرق في نفس الأمر بين ما جعلتموه جنسا أو عرضا عاما ، وما جعلتموه فصلا أو خاصة ، إلا أنكم قدرتم أحد المتساويين عاما والآخر خاصا .
الوجه الثاني : أن يقال : إذا قلتم : الموجودان يشتركان في مسمى الوجود ، فلا بد أن يتميز أحدهما عن الآخر بأمر آخر .
قيل لكم : المميز أن يكون وجودا [18] خاصا ، فلم قلتم : إنه [ ص: 35 ] يكون شيء خارج [19] عن مسمى الوجود حتى تثبتون حقيقة أخرى ، وهذا كما إذا قلنا : الإنسانان يشتركان في مسمى الإنسانية ، وأحدهما يمتاز عن الآخر بخصوصية أخرى - كان المميز إنسانيته التي تخصه ، لم يحتج أن يجعل المميز شيئا غير الإنسانية يعرض له الإنسانية .
ولكن هؤلاء يظنون أن الأنواع المشتركة في كلي لا يفصل بينها إلا مواد أخرى . وفي هذا الموضع كلام مبسوط على غلط أهل المنطق فيما غلطوا فيه في الكليات ، وتقسيم الكليات ، وتركيب الحدود من الذاتيات وغير ذلك ، ومواد الأقيسة ، والفرق بين اليقيني وغير اليقيني منها ، وغير ذلك مما هو مكتوب في غير هذا الموضع .
الوجه الثالث : أن يقال : إذا قلنا : الموجودان يشتركان في مسمى الوجود ، وأحدهما لا بد أن يمتاز عن الآخر . فليس المراد أنهما اشتركا في أمر بعينه موجود في الخارج ; فإن هذا ممتنع ، بل المراد أنهما اتفقا في ذلك وتشابها فيه من هذه الجهة ، ونفس ما اشتركا فيه لا يكون بعينه مشتركا فيه إلا في الذهن ، لا في الخارج ، وإلا فنفس وجود هذا لم يشركه فيه هذا .
وحينئذ فإذا قلنا : لفظ " الوجود " [20] من الألفاظ العامة الكلية المتواطئة أو المشككة ، وهي المتواطئة التي تتفاضل معانيها ، لا تتماثل مع الاتفاق في أصل المسمى ، كالبياض المقول على بياض الثلج القوي وبياض [ ص: 36 ] العاج الضعيف ، والسواد المقول على سواد القار وعلى سواد الحبشة ، والعلو المقول على علو السماء وعلى علو السقف ، والواسع المقول على البحر وعلى الدار الواسعة ، والوجود المقول على الواجب بنفسه وعلى الممكن الموجود بغيره ، وعلى القائم بنفسه والقائم بغيره ، والقديم المقول على العرجون وعلى ما لا أول له ، والمحدث المقول على ما أحدث في اليوم وعلى كل ما خلقه الله بعد أن لم يكن ، والحي الذي يقال على الإنسان والحيوان والنبات وعلى الحي القيوم الذي لا يموت أبدا .
بل أسماء الله [ الحسنى ] [21] تعالى التي تسمى بها خلقه ، كالملك ، والسميع والبصير ، والعليم والخبير [22] ، ونحو ذلك ، كلها من هذا الباب .
فإذا قيل : في جميع الألفاظ العامة ومعانيها العامة - سواء كانت متماثلة أو متفاضلة - إن أفرادها اشتركت فيها أو اتفقت ونحو ذلك ، لم يرد به أن في الخارج معنى عاما يوجد [23] عاما في الخارج ، وهو نفسه مشترك ، بل المراد أن الموجودات المعينة اشتركت في هذا العام ، الذي لا يكون عاما إلا في علم العالم ، كما أن اللفظ العام لا يكون عاما إلا في لفظ اللافظ ، والخط العام لا يكون عاما إلا في خط الكاتب .
والمراد بكونه عاما شموله للأفراد الخارجة ، لا أنه [24] نفسه شيء [ ص: 37 ] موجود يكون هو [25] نفسه مع هذا المعين ، وهو نفسه مع هذا المعين ; فإن هذا [26] مخالف للحس والعقل .
والمقصود هنا مذهبه أن الوجود الواجب لنفسه هو الوجود المقيد بسلب جميع الأمور الثبوتية ابن سينا ، لا بجعله مقيدا أن [27] بسلب النقيضين ، أو بالإمساك عن النقيضين ، كما فعل السجستاني وأمثاله من القرامطة [ وغيرهم ] [28] ، وعبر عن قولهم بأنه الوجود المقيد بأنه لا يعرض لشيء من الحقائق ، أو لشيء من الماهيات ; ( * لاعتقادهم أن الوجود يعرض للممكنات ، وهو يقول : وجود الواجب نفس ماهيته . ابن سينا
والجمهور من أهل السنة يقولون ذلك ، لكن الفرق بينهما أن عنده : هو وجود مطلق بشرط سلب الماهيات * )[29] عنه ، فليس له ماهية سوى الوجود المقيد بالسلب .
وأما الأنبياء وأتباعهم وجماهير العقلاء فيعلمون أن [30] شيئا من الحقائق ، وهي موجودة . الله له حقيقة يختص بها ، لا تماثل
وطائفة من المعتزلة ومن وافقهم يقولون : هي موجودة بوجود زائد على حقيقتها .
[ ص: 38 ] وأما الجمهور فيقولون : الحقائق المخلوقة ليست في الخارج ، إلا الموجود الذي هو الحقيقة التي في الخارج ، وإنما يحصل الفرق بينهما بأن يجعل أحدهما ذهنيا ، والآخر خارجيا ، فإذا جعلت الماهية أو الحقيقة اسما لما في الذهن ، كان ذلك غير ما في الخارج . وأما إذا قيل : الوجود الذهني فهو الماهية الذهنية ، وإذا قيل : الماهية الخارجية فهي الوجود الخارجي ، فإذا كان هذا في المخلوق فالخالق أولى .
ومذهب معلوم الفساد بضرورة العقل بعد التصور التام ; فإنه إذا اشترك الموجودان في مسمى الوجود ، لم يميز أحدهما عن الآخر بمجرد السلب ، فإن التمييز في نفس الأمر بين المشتركين لا يكون بمجرد العدم المحض ; إذ العدم المحض ليس بشيء ، وما ليس بشيء لا يحصل منه الامتياز في نفس الأمر ، ولا يكون الفاصل بين الشيئين الموجودين الذي يختص بأحدهما إلا أمرا ثبوتيا ، أو متضمنا لأمر ثبوتي . ابن سينا
وهذا مستقر عندهم في المنطق ، فكيف يكون وجود الرب مماثلا لوجود الممكنات في مسمى الوجود [31] ولا يمتاز عن المخلوقات إلا بعدم محض لا ثبوت فيه ؟
بل على هذا التقدير يكون أي موجود قدر أكمل من هذا الموجود ; فإن ذلك الموجود مختص - مع وجوده - بأمر ثبوتي عنده ، والوجود الواجب لا يختص عنده إلا بأمر عدمي ، مع تماثلهما في مسمى الوجود .
فهذا القول يستلزم مماثلة الوجود الواجب لوجود كل ممكن في [ ص: 39 ] الوجود ، وأن لا يمتاز عنه إلا بسلب الأمور الثبوتية .
والكمال هو في الوجود لا في العدم ; إذ العدم المحض لا كمال فيه ، فحينئذ يمتاز عن الممكنات بسلب جميع الكمالات ، وتمتاز عنه بإثبات جميع الكمالات .
وهذا غاية ما يكون من تعظيم الممكنات في الكمال والوجود ، ووصف الوجود الواجب بالنقص والعدم .
وأيضا فهذا الوجود الذي لا يمتاز عن غيره إلا بالأمور العدمية [32] يمتنع وجوده في الخارج ، بل لا يمكن إلا في الذهن ; لأنه إذا شارك سائر الموجودات في مسمى الوجود كان هذا كليا ، والوجود لا يكون كليا إلا في الذهن ، لا في الخارج ، والأمور العدمية المحضة لا توجب ثبوته [33] في الخارج ، فإن ما في الذهن هو بسلب الحقائق الخارجية عنه أحق بسلبها [34] عما في الخارج ، لو كان ذلك ممكنا في الخارج ، فكيف إذا كان ممتنعا ؟
فإذا كان الكلي لا يكون إلا ذهنيا ، والقيد العدمي لا يخرجه عن أن يكون كليا ، ثبت أنه لا يكون في الخارج .
وأيضا فإن ما في الخارج لا يكون إلا معينا ، له وجود يخصه ، فما لا يكون كذلك لا يكون إلا في الذهن .
[ ص: 40 ] فثبت بهذه الوجوه الثلاثة - وغيرها - أن ما ذكره في واجب الوجود لا يتحقق إلا في الذهن ، لا في الخارج .
فهذا قول من قيده بالأمور العدمية .
ولهم قول ثالث ، وهو الوجود المطلق لا [35] بشرط الإطلاق ، الذي يسمونه الكلي الطبيعي ، وهذا لا يكون في الخارج إلا معينا ، فيكون من جنس القولين قبله ، ومنهم من يظن أنه ثابت في الخارج ، وأنه جزء من المعينات [36] ، فيكون الوجود الواجب المبدع لكل ما سواه : إما عرضا قائما بالمخلوقات ، وإما جزءا منها ، فيكون الواجب مفتقرا إلى الممكن عرضا فيه ، أو جزءا منه ، بمنزلة الحيوانية في الحيوانات ، لا تكون هي الخالقة للحيوان ، ولا الإنسانية هي المبدعة للإنسان ; فإن جزء الشيء وعرضه لا يكون هو الخالق له ، بل الخالق مباين له منفصل عنه ; إذ جزؤه وعرضه داخل فيه ، والداخل في الشيء لا يكون هو المبدع له كله [37] .
فما وصفوا به رب العالمين يمتنع معه [38] أن يكون خالقا [39] لشيء من الموجودات ، فضلا عن أن يكون خالقا لكل شيء ، وهذه الأمور مبسوطة في موضع آخر [40] .
[ ص: 41 ] والمقصود هنا أن [41] تعطيل الخالق ، وجحد حقيقة النبوات والمعاد والشرائع ، وينتسبون إلى موالاة هؤلاء الملاحدة حقيقة قولهم ، ويدعون أنه كان على هذه الأقوال ، كما تدعي علي القدرية والجهمية والرافضة أنه كان على قولهم أيضا ، ويدعون أن هذه الأقوال - رضي الله عنه - . علي
مأخوذة عنه ، وهذا كله باطل كذب على