( فصل )
قال الرافضي [1] : " وعلم التفسير إليه يعزى ; لأن ابن عباس كان تلميذه فيه . قال ابن عباس : حدثني أمير المؤمنين في تفسير " الباء " من بسم الله الرحمن الرحيم من أول الليل إلى آخره " .
والجواب : أن يقال : أولا : أين الإسناد الثابت بهذا النقل عن ابن عباس ؟ فإن أقل ما يجب على المحتج بالمنقولات أن يذكر الإسناد الذي يعلم به صحة النقل ، وإلا فمجرد ما يذكر في الكتب من المنقولات لا يجوز الاستدلال به ، مع العلم بأن فيه شيئا كثيرا من الكذب [2] .
ويقال : ثانيا : أهل العلم بالحديث يعلمون أن هذا من الكذب ; فإن هذا الأثر المأثور عن ابن عباس كذب عليه ، وليس له إسناد يعرف ، وإنما
[ ص: 42 ] يذكر مثل هذه الحكايات بلا إسناد . وهذه يرويها أهل المجهولات ، الذين يتكلمون بكلام لا حقيقة له ، ويجعلون كلام علي وابن عباس من جنس كلامهم ، كما يقولون عن عمر أنه قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر يتحدثان ، وكنت كالزنجي بينهما . فإن هذا كذب على عمر باتفاق أهل العلم ، وكما ينقلون عن عمر أنه تزوج امرأة أبي بكر ( * ليسألها عن علمه في السر ، فقالت : كنت أشم من فيه رائحة الكبد المحترقة ، وهذا أيضا كذب ، وعمر لم يتزوج امرأة أبي بكر * ) [3] ، وإنما تزوجها علي : تزوج أسماء بنت عميس ، ومعها ربيبه محمد بن أبي بكر ، فتربى عنده .
وهذا ابن عباس نقل عنه من التفسير ما شاء الله بالأسانيد الثابتة ، ليس في شيء منها ذكر علي . وابن عباس يروي عن غير واحد من الصحابة : يروي عن عمر ، وأبي هريرة ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعن زيد بن ثابت ، وأبي بن كعب ، وأسامة بن زيد ، وغير واحد من المهاجرين والأنصار . وروايته عن علي قليلة جدا ، ولم يخرج أصحاب الصحيح [4] شيئا من حديثه عن علي ، وخرجوا حديثه عن عمر ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبي هريرة وغيرهم .
وأيضا فالتفسير أخذ عن غير ابن عباس [5] : أخذ عن ابن مسعود وغيره [ ص: 43 ] من الصحابة ، الذين لم يأخذوا عن علي شيئا ، وما يعرف بأيدي المسلمين تفسير ثابت [ عنه ] [6] . وهذه كتب الحديث والتفسير مملوءة بالآثار عن الصحابة والتابعين ، والذي فيها عن علي قليل جدا .
وما ينقل في " حقائق " السلمي من التفسير عن جعفر الصادق عامته كذب على جعفر ، كما قد كذب عليه غير ذلك ، كما تقدم .


