الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  ( فصل )

                  قال الرافضي [1] : " وعلم التفسير إليه يعزى ; لأن ابن عباس كان تلميذه فيه . قال ابن عباس : حدثني أمير المؤمنين في تفسير " الباء " من بسم الله الرحمن الرحيم من أول الليل إلى آخره " .

                  والجواب : أن يقال : أولا : أين الإسناد الثابت بهذا النقل عن ابن عباس ؟ فإن أقل ما يجب على المحتج بالمنقولات أن يذكر الإسناد الذي يعلم به صحة النقل ، وإلا فمجرد ما يذكر في الكتب من المنقولات لا يجوز الاستدلال به ، مع العلم بأن فيه شيئا كثيرا من الكذب [2] .

                  ويقال : ثانيا : أهل العلم بالحديث يعلمون أن هذا من الكذب ; فإن هذا الأثر المأثور عن ابن عباس كذب عليه ، وليس له إسناد يعرف ، وإنما

                  [ ص: 42 ] يذكر مثل هذه الحكايات بلا إسناد . وهذه يرويها أهل المجهولات ، الذين يتكلمون بكلام لا حقيقة له ، ويجعلون كلام علي وابن عباس من جنس كلامهم ، كما يقولون عن عمر أنه قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر يتحدثان ، وكنت كالزنجي بينهما . فإن هذا كذب على عمر باتفاق أهل العلم ، وكما ينقلون عن عمر أنه تزوج امرأة أبي بكر ( * ليسألها عن علمه في السر ، فقالت : كنت أشم من فيه رائحة الكبد المحترقة ، وهذا أيضا كذب ، وعمر لم يتزوج امرأة أبي بكر * ) [3] ، وإنما تزوجها علي : تزوج أسماء بنت عميس ، ومعها ربيبه محمد بن أبي بكر ، فتربى عنده .

                  وهذا ابن عباس نقل عنه من التفسير ما شاء الله بالأسانيد الثابتة ، ليس في شيء منها ذكر علي . وابن عباس يروي عن غير واحد من الصحابة : يروي عن عمر ، وأبي هريرة ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعن زيد بن ثابت ، وأبي بن كعب ، وأسامة بن زيد ، وغير واحد من المهاجرين والأنصار . وروايته عن علي قليلة جدا ، ولم يخرج أصحاب الصحيح [4] شيئا من حديثه عن علي ، وخرجوا حديثه عن عمر ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبي هريرة وغيرهم .

                  وأيضا فالتفسير أخذ عن غير ابن عباس [5] : أخذ عن ابن مسعود وغيره [ ص: 43 ] من الصحابة ، الذين لم يأخذوا عن علي شيئا ، وما يعرف بأيدي المسلمين تفسير ثابت [ عنه ] [6] . وهذه كتب الحديث والتفسير مملوءة بالآثار عن الصحابة والتابعين ، والذي فيها عن علي قليل جدا .

                  وما ينقل في " حقائق " السلمي من التفسير عن جعفر الصادق عامته كذب على جعفر ، كما قد كذب عليه غير ذلك ، كما تقدم .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية