( فصل ) [1] 
قال الرافضي  [2]  : " وفي غزاة بني النضير  قتل  علي  رامي ثنية [3] النبي - صلى الله عليه وسلم - [4] وقتل بعده عشرة ، وانهزم الباقون " . 
والجواب : أن يقال : ما تذكره في هذه الغزاة وغيرها من الغزوات من المنقولات لا بد من ذكر إسناده أولا ، وإلا فلو أراد إنسان أن يحتج بنقل لا يعرف إسناده في جزرة بقل لم يقبل منه [5] ، فكيف يحتج به في مسائل الأصول ؟ !  [ ص: 111 ] ثم يقال : ثانيا : هذا من الكذب الواضح ; فإن بني النضير  هم الذين أنزل الله فيهم سورة الحشر باتفاق الناس ، وكانوا من اليهود  ، وكانت قصتهم قبل الخندق  وأحد  ، ولم يذكر فيها [6] مصاف ولا هزيمة ، ولا رمى أحد ثنية النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها ، وإنما أصيبت ثنيته يوم أحد . 
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون في غزاة بني النضير  ، قد [7] حاصروهم حصارا شديدا ، وقطعوا نخيلهم . 
وفيهم أنزل الله تعالى : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين   ) [ سورة الحشر : 5 ] . 
ولم يخرجوا لقتال حتى ينهزم أحد منهم ، وإنما كانوا في حصن يقاتلون من ورائه . كما قال تعالى : ( لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى   ) [ سورة الحشر : 14 ] . 
ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أجلاهم إجلاء لم يقتلهم فيه . قال تعالى [8]  : ( هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا   ) [ سورة الحشر : 2 ] إلى قوله تعالى : ( فاعتبروا ياأولي الأبصار   ) [ سورة الحشر : 2 ] . 
 [ ص: 112 ] قال  ابن إسحاق  بعد أن ذكر نقضهم العهد ، وأنهم أرادوا قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خرج إليهم يستعين بهم في دية القتيلين اللذين قتلهما عمرو بن أمية  ، قال [9]  : " فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسير إليهم وبالتهيؤ لحربهم [10] واستعمل على المدينة   ابن أم مكتوم  فيما ذكر ابن هشام  [11]  . ونزل تحريم الخمر [12]  " . 
قال  ابن إسحاق   : " فتحصنوا في الحصون ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع النخيل والتحريق فيها ، فنادوه : أي محمد  [13] قد كنت تنهى عن الفساد ، وتعيبه على من صنعه ، فما بال قطع النخيل وتحريقها ؟ !  " . 
قال [14]  : " وقد كان رهط من بني عوف بن الخزرج  قد بعثوا [15] إلى بني النضير   : أن اثبتوا وتمنعوا ; فإنا لن نسلمكم ، إن قوتلتم قاتلنا معكم ، وإن خرجتم خرجنا معكم . فتربصوا ذلك من نصرهم [16] ، فلم يفعلوا ، وقذف الله في قلوبهم الرعب ، وسألوا رسول الله [17]  - صلى الله عليه وسلم - أن  [ ص: 113 ] يجليهم [18] ويكف عن دمائهم ، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة [19] ، ففعل ، فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل ، فكان الرجل منهم يهدم بيته عن نجاف بابه [20] ، فيضعه على ظهر بعيره ، فينطلق به . فخرجوا إلى خيبر  ، ومنهم من سار إلى الشام   " . 
قال [21]  : " وحدثني عبد الله بن أبي بكر  أنه [22] حدث : أنهم استقلوا بالنساء والأموال والأبناء [23] ، معهم الدفوف والمزامير ، والقينات [24] يعزفن خلفهم بزهو وفخر [25] ما رئي مثله من حي من الناس [26]  . وخلوا الأموال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة ، يضعها حيث يشاء ، فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين [27] المهاجرين  الأولين دون الأنصار  ، إلا أن  سهل بن حنيف   وأبا دجانة  [28] ذكرا فاقة وفقرا ، فأعطاهما النبي - صلى الله عليه وسلم  " [29]  . 
 [ ص: 114 ] قال [30]  : " وأنزل الله تعالى في بني النضير  سورة [31]  \ 8 الحشر بأسرها ، يذكر فيها ما أصابهم من نقمة [32]  . ، وما سلط به رسوله عليهم [33]  . ، وما عمل فيهم [34]  . " . 
وفي الصحيحين عن  ابن عمر  أن يهود بني النضير  و [ بني ] قريظة  [35]  . حاربوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجلى بني النضير  ، وأقر قريظة  ومن عليهم ، حتى حاربت قريظة  بعد ذلك ، فقتل رجالهم ، وسبى نساءهم وأولادهم وأموالهم ، وقسم أنفالهم بين المسلمين ، إلا بعضهم لحقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمنهم وأسلموا ، وأجلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهودالمدينة  كلهم : بني قينقاع  ، وهم قوم  عبد الله بن سلام  ، ويهود بني حارثة   ، وكل يهودي كان بالمدينة  [36]  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					