الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  [ ص: 292 ] فصل

                  قال الرافضي [1] : " التاسع : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : جهزوا جيش أسامة ، وكرر الأمر [ بتنفيذه ] [2] ، وكان فيهم أبو بكر وعمر وعثمان ، ولم ينفذ أمير المؤمنين ; لأنه أراد [3] منعهم من التوثب [4] على الخلافة بعده ، فلم يقبلوا [5] منه .

                  والجواب من وجوه : أحدها : المطالبة بصحة النقل ; فإن هذا لا يروى بإسناد معروف ، ولا صححه أحد من علماء النقل . ومعلوم أن الاحتجاج بالمنقولات لا يسوغ إلا بعد قيام الحجة بثبوتها ، وإلا فيمكن أن يقول كل أحد ما شاء .

                  الثاني : أن هذا كذب بإجماع علماء النقل ، فلم يكن في جيش أسامة : لا أبو بكر ، ولا عثمان  ، وإنما قد قيل : إنه كان فيه [6] عمر . وقد تواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه استخلف أبا بكر على الصلاة حتى مات ، وصلى أبو بكر - رضي الله عنه - الصبح يوم موته ، وقد كشف [ ص: 293 ] سجف الحجرة ، فرآهم صفوفا خلف أبي بكر ، فسر بذلك . فكيف يكون مع هذا قد أمره أن يخرج في جيش أسامة ؟ !

                  الثالث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو أراد تولية علي لكان هؤلاء أعجز أن يدفعوا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكان جمهور المسلمين أطوع لله ورسوله من أن يدعوا هؤلاء يخالفون أمره ، لا سيما وقد قاتل ثلث المسلمين أو أكثر مع علي لمعاوية ، وهم لا يعلمون أن معه نصا ، فلو كان معه نص لقاتل معه جمهور المسلمين .

                  الرابع : أنه أمر أبا بكر أن يصلي بالناس ولم يأمر عليا  ، فلو كان علي هو الخليفة لكان يأمره بالصلاة بالمسلمين ، فكيف ولم يؤمر عليا على أبي بكر قط ؟ !

                  بل في الصحيحين أنه لما ذهب يصلح بين بني عمرو بن عوف قال لبلال : " إذا حضرت الصلاة فمر أبا بكر أن يصلي بالناس " [7] ، وكذلك في مرضه ، ولما أراد إقامة الحج أمر أبا بكر أن يحج ، وأردفه بعلي تابعا له ، وأبو بكر هو الإمام الذي يصلي بالناس ، بعلي وغيره ، ويأمر عليا وغيره فيطيعونه ، وقد أمر أبا بكر على علي في حجة سنة تسع ، وكان أبو بكر مؤمرا عليهم إماما لهم .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية