فصل .
ومما يبين أن ، كالولاية والمحبة والإيمان وغير ذلك من الصفات التي يتفاضل فيها الناس في قدرها ونوعها وصفتها ما أخرجاه في الصحيحين عن الصحبة فيها خصوص وعموم قال : كان بين أبي سعيد الخدري وبين خالد بن الوليد شيء فسبه عبد الرحمن بن عوف فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " خالد لا تسبوا أحدا من أصحابي ؛ فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " . انفرد بذكر مسلم خالد وعبد الرحمن [1] دون البخاري [2] فالنبي [ ص: 432 ] صلى الله عليه وسلم يقول ونحوه : لخالد يعني لا تسبوا أصحابي وأمثاله ؛ لأن عبد الرحمن بن عوف عبد الرحمن ونحوه هم السابقون الأولون ، وهم الذين أسلموا قبل الفتح وقاتلوا ، وهم أهل بيعة الرضوان ، فهؤلاء أفضل وأخص بصحبته ممن أسلم بعد بيعة الرضوان ، وهم الذين أسلموا بعد الحديبية ، وبعد مصالحة النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل مكة ومنهم خالد وعمرو بن العاص وعثمان بن أبي طلحة وأمثالهم .
وهؤلاء أسبق من الذين تأخر إسلامهم إلى أن فتحت مكة وسموا الطلقاء مثل سهيل بن عمرو [3] . والحارث بن هشام ، وابنيه وأبي سفيان بن حرب يزيد ومعاوية ، وأبي سفيان بن الحارث وعكرمة بن أبي جهل وغيرهم مع أنه قد يكون في هؤلاء من برز بعلمه على بعض من تقدمه كثيرا وصفوان بن أمية [4] كالحارث بن هشام [5] وأبي سفيان بن الحارث ، وعلى بعض من أسلم قبلهم ممن أسلم قبل الفتح وقاتل وكما برز وسهيل بن عمرو على أكثر الذين أسلموا قبله . عمر بن الخطاب
والمقصود هنا أنه نهي لمن صحبه آخرا يسب من صحبه أولا لامتيازهم عنهم [6] في الصحبة بما لا يمكن [7] أن يشركهم فيه حتى قال : [ ص: 433 ] " " . لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه
فإذا كان هذا حال الذين أسلموا من بعد الفتح وقاتلوا ، وهم من أصحابه التابعين للسابقين مع من أسلم من قبل الفتح وقاتل وهم أصحابه السابقون ، فكيف يكون حال من ليس من أصحابه بحال مع أصحابه ؟ ! .
وقوله : " لا تسبوا أصحابي " قد ثبت في الصحيحين من غير وجه ، منها ما تقدم ومنها ما أخرجوه في الصحيح [8] عن : قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أبي هريرة " تقدم هذا الحديث فيما مضى 2 \ 20 - 21 . . لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه
فصل .