قلت : وهذا بين ، فإن الملاحدة من الباطنية الإسماعيلية وغيرهم والغلاة النصيرية وغير النصيرية إنما يظهرون التشيع ، وهم في الباطن أكفر من اليهود والنصارى ، فدل ذلك على أن . التشيع دهليز الكفر والنفاق
رضي الله عنه هو الإمام في قتال المرتدين ، وهؤلاء مرتدون ، فالصديق وحزبه هم أعداؤه . والصديق
والمقصود هنا أن الصحبة المذكورة في قوله : ( إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ) [ سورة التوبة : 40 ] صحبة موالاة للمصحوب [1] ومتابعة له [2] لا صحبة نفاق [3] كصحبة المسافر للمسافر ، وهي من الصحبة التي يقصدها الصاحب لمحبة المصحوب كما هو [4] معلوم عند جماهير الخلائق علما ضروريا بما تواتر عندهم من الأمور الكثيرة أن كان في الغاية من محبة النبي صلى الله عليه وسلم وموالاته والإيمان به أعظم مما يعلمون أن أبا بكر كان مسلما ، وأنه كان ابن عمه . عليا
وقوله : " إن الله معنا " لم يكن لمجرد الصحبة الظاهرة التي ليس فيها [ ص: 487 ] متابعة [5] ، فإن هذه تحصل للكافر إذا صحب المؤمن ليس الله معه ، بل إنما كانت المعية للموافقة الباطنية والموالاة له والمتابعة .
ولهذا كل من كان متبعا للرسول كان الله معه بحسب هذا الاتباع ، قال الله تعالى : ( ياأيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) [ سورة الأنفال : 64 ] أي : حسبك وحسب من اتبعك ، فكل من اتبع الرسول من جميع المؤمنين فالله حسبه [6] ، وهذا معنى كون الله معه .
والكفاية المطلقة مع الاتباع المطلق ، والناقصة مع الناقص [7] ، وإذا كان بعض المؤمنين به المتبعين له قد حصل له من يعاديه على ذلك فالله حسبه ، وهو معه وله نصيب من معنى قوله : ( إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ) ، فإن هذا قلبه موافق للرسول ، وإن لم يكن صحبه ببدنه ، والأصل في هذا القلب .
كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " بالمدينة رجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم " قالوا : وهم بالمدينة ؟ قال : " وهم بالمدينة حبسهم العذر " إن [8] .
[ ص: 488 ] فهؤلاء بقلوبهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الغزاة ، فلهم معنى صحبته في الغزاة ، فالله معهم بحسب تلك الصحبة المعنوية .
ولو انفرد الرجل [ في ] [9] بعض الأمصار والأعصار بحق جاء به الرسول ولم تنصره الناس عليه ، فإن الله معه ، وله نصيب [10] من قوله : ( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ) [ سورة التوبة : 40 ] ، فإن نصر الرسول هو نصر دينه الذي جاء به حيث كان ، ومتى كان ، ومن وافقه فهو صاحبه عليه في المعنى ، فإذا قام به ذلك الصاحب كما أمر الله ، فإن الله مع ما جاء به الرسول ، ومع ذلك القائم به .
وهذا المتبع له حسبه الله ، وهو حسب الرسول كما قال تعالى : ( حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) [ سورة الأنفال : 64 ] .