نوعان : تسلسل في المؤثرات كالتسلسل في العلل والمعلولات ، وهو التسلسل في الفاعلين والمفعولات ، فهذا ممتنع باتفاق العقلاء . والتسلسل
ومن هذا الباب تسلسل الفاعلين والخالقين والمحدثين مثل أن يقول : هذا المحدث له محدث ، وللمحدث محدث [ آخر ] [1] إلى ما لا يتناهى . فهذا مما اتفق العقلاء - فيما أعلم - على امتناعه ؛ لأن كل محدث لا [ ص: 437 ] يوجد بنفسه ، فهو معدوم باعتبار نفسه ، [ وهو ممكن باعتبار نفسه ] [2] ، فإذا قدر من ذلك ما لا يتناهى ، لم تصر الجملة موجودة واجبة بنفسها ، فإن انضمام المحدث إلى المحدث والمعدوم إلى المعدوم والممكن إلى الممكن ، لا يخرجه عن كونه مفتقرا [3] إلى الفاعل له ، بل كثرة ذلك تزيد حاجتها وافتقارها إلى الفاعل ، وافتقار المحدثين الممكنين أعظم من افتقار أحدهما ، كما أن عدم الاثنين أعظم من عدم أحدهما . فالتسلسل في هذا والكثرة لا تخرجه عن الافتقار والحاجة ، بل تزيده حاجة وافتقارا .
فلو قدر من الحوادث والمعدومات والممكنات ما لا نهاية له ، وقدر أن بعض ذلك معلول لبعض أو لم يقدر ذلك ، فلا يوجد [ شيء من ] [4] ذلك إلا بفاعل صانع لها خارج عن هذه الطبيعة المشتركة المستلزمة للافتقار والاحتياج ، فلا يكون فاعلها معدوما ولا محدثا ولا ممكنا يقبل الوجود والعدم ، بل لا يكون إلا موجودا بنفسه واجب الوجود لا يقبل العدم قديما ليس بمحدث ، فإن كل ما ليس كذلك فإنه مفتقر إلى من يخلقه وإلا لم يوجد .
وأما ، فهذا فيه الأقوال الثلاثة المتقدمة : إما منعه في الماضي والمستقبل ، كقول التسلسل في الآثار كوجود حادث بعد حادث جهم وأبي الهذيل . وإما منعه في الماضي فقط ، كقول كثير من أهل الكلام . وإما