الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
241 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان"   [ ص: 392 ] .

قال "الكسائي" و "أبو الجراح" وغيرهما: ["قوله: الإملاجة والإملاجتان"] :  يعني المرأة ترضع الصبي مصة، [ ص: 393 ] أو مصتين، والمص هو الملج.

يقال [منه] : قد ملج الصبي أمه يملجها ملجا.

ومن هذا قيل: رجل مصان، وملجان، ومكان [ومقان] .

وكل هذا من المص، يعنون: أنه يرضع الغنم من اللؤم، ولا يحتلبها فيسمع صوت الحلب ولهذا قيل: لئيم راضع [ ص: 394 ] .

فإن أردت أن تكون المرأة هي التي ترضع، فتجعل الفعل لها، قلت: قد أملجت صبيها إملاجا.

فذلك قوله: "الإملاجة والإملاجتان ".

يعني أن تمصه هي لبنها.

قال "أبو عبيد ": يقال: ملج يملج، وملج يملج.

وأما حديث "المغيرة بن شعبة ":

"لا تحرم العيفة" [ ص: 395 ] .

فإنا لا نرى هذا محفوظا، ولا نعرف العيفة في الرضاع، ولكنا نراها العفة، وهي بقية اللبن في الضرع بعد ما يمتك أكثر ما فيه.

وقد يقال لها: العفافة، قال "الأعشى" يصف ظبية وغزالها:


وتعادى عنه النهار فما تعـ ـجوه إلا عفافة أو فواق [ ص: 396 ]

[قال "الأصمعي ": العفافة: ما في الضرع من اللبن قبل نزول الدرة، والغرار: آخرها] .

يقال: قد امتك الفصيل ما في ضرع أمه: إذا لم يبق فيه من اللبن شيئا.

وهذا حديث ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 397 ] .

أنه قال:

"لا تحرم الإملاجة، ولا الإملاجتان ".  

وفي حديث آخر:

"لا تحرم المصة، ولا المصتان ".  

قال: حدثناه "إسماعيل بن إبراهيم" عن "أيوب" عن [ ص: 398 ] "ابن أبي مليكة" عن "عبد الله بن الزبير" عن "عائشة" [ - رضي الله عنها - ] عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

والذى أجمع عليه أهل العلم من أهل الحجاز والعراق أن المصة الواحدة تحرم.

وحديث رسول الله [ - صلى الله عليه وسلم - ] إذا ثبت أولى بأن يعمل به ويتبع [ ص: 399 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية