"أعنان الشياطين لا تقبل إلا مولية، ولا تدبر إلا مولية، ولا يأتي نفعها إلا من جانبها الأشأم ". أنه سئل عن الإبل فقال:
[ - قال من حديث يروى عن أبو عبيد - ] : عن "أبي عوانة" يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - : "قتادة"
[ ص: 632 ] . قوله: "أعنان الشياطين"
قال: بلغني عن أنه قال: أعنان كل شيء: نواحيه. "يونس بن حبيب البصري"
وأما الذي نحكيه نحن فأعناء الشيء نواحيه.
قالها وغيره من علمائنا. "أبو عمرو"
فإن كانت الأعنان محفوظة، فإنه أراد أن الإبل من نواحي - الشياطين أنها على أخلاقها وطبائعها.
وهذا شبيه بالحديث الآخر: "أنها خلقت من الشياطين" [ ص: 633 ] .
وفي حديث ثالث: "إن على ذروة كل بعير شيطانا ".
فهذا عندي كالمثل الذي يقال فيها: "إنها إذا أقبلت أدبرت وإذا أدبرت أدبرت ". وقوله: "لا تقبل إلا مولية، ولا تدبر إلا مولية ".
وذلك لكثرة آفاتها، وسرعة فنائها [ ص: 634 ] .
يعني الشمال، ويقال لليد الشمال الشؤمى. [قال الشاعر: وقوله: "لا يأتي خيرها إلا من جانبها الأشأم"
وأنحى على شؤمى يديه فذادها بأظمأ من فرع الذؤابة أسحما]
ومنه قول الله - جل ثناؤه - : وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة يريد أصحاب الشمال [ ص: 635 ] .ومعنى قوله: "لا يأتي نفعها إلا من هناك" يعني أنها لا تحلب، ولا تركب إلا من شمالها، وهو الجانب الذي يقال له: الوحشي في قول لأنه الشمال. "الأصمعي"
قال: واليمين هو الإنسي، والأنسي أيضا.
وقال بعضهم: لا ولكن الإنسي هو الذي يأتيه الناس في الاحتلاب والركوب، والوحشي هو الأيمن؛ لأن الدابة لا تؤتى من جانبها الأيمن إنما تؤتى من الأيسر [ ص: 636 ] .
قال وهذا هو القول عندي لا غير. "أبو عبيد ":
وقال "زهير" يذكر بقرة أفزعتها الكلاب، فانصرفت، فقال: فجالت على وحشيها وكأنها مسربلة من رازقي معضد [ ص: 637 ] وقال يصف ثورا في مثل تلك الحال: "ذو الرمة"
فانصاع جانبه الوحشي وانكدرت يلحبن لا يأتلي المطلوب والطلب
فعلى هذا أشعارهم.
إنما هو الجانب الوحشي الأيمن؛ لأن الخائف إنما يفر من موضع المخافة إلى موضع الأمن.