الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
34 - وقال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال لأبي بردة بن نيار في الجذعة التي أمره أن يضحي بها:

"ولا تجزي عن أحد بعدك".  

قال: أخبرناه هشيم وإسماعيل، ويزيد هؤلاء أو بعضهم، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن البراء [بن عازب] ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 186 ] .

قال الأصمعي: هو مأخوذ من قولك: قد جزى عني هذا الأمر، فهو يجزي عني - ولا همز فيه - ومعناه: لا تقضي عن أحد بعدك، يقول: لا تجزي: لا تقضي، وقال الله - تبارك وتعالى - : واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا هو من هذا.

ومنه حديث يروى عن عبيد بن عمير أن رجلا كان يداين الناس، وكان له كاتب ومتجاز، فكان يقول له: إذا رأيت الرجل معسرا، فأنظره، فغفر الله له.

[قال أبو عبيد] : والمتجازي: المتقاضي.

قال الأصمعي: "أهل المدينة" يقولون: أمرت فلانا يتحازى [لي] ديني على فلان: أي يتقاضاه.

قال: وأما قوله: أجزأني الشيء إجزاء، فمهموز، ومعناه: كفاني، وقال الطائي [ ص: 187 ] :


لقد آليت أغدر في جداع وإن منيت أمات الرباع     بأن الغدر في الأقوام عار
وأن المرء يجزأ بالكراع

جداع: السنة التي تجدع كل شيء: أي تذهب به. [وقوله] يجزأ [بالكراع] أي يكتفى بها. ومنه قول الناس: اجتزأت بكذا وكذا، وتجزأت به: أي اكتفيت به.

التالي السابق


الخدمات العلمية