الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
483 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : "أنه كانت فيه دعابة" [ ص: 340 ] .

حدثنا "أبو عبيد" قال: حدثنيه "ابن علية" عن "خالد الحذاء" عن "عكرمة". رفعه.

قوله : الدعابة يعني المزاح.

وفيه ثلاث لغات: المزاحة، والمزاح، والمزح.

وفي حديث آخر يروى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إني لأمزح وما أقول إلا حقا".  

وذلك فيما نرى مثل قوله: "اذهبوا بنا إلى فلان البصير نعوده"  لرجل مكفوف، أي البصير القلب [ ص: 341 ] .

ومثل قوله للعجوز التي قالت: "ادع الله أن يدخلني الجنة" فقال: "إن الجنة لا يدخلها العجز"  كأنه أراد قول الله - عز وجل - : إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا

يقول: فإذا صارت إلى الجنة فليست بعجوز حينئذ.

ومنه قوله لابن أبي طلحة، وكان له نغر فمات، فجعل يقول له: "ما فعل النغير يا أبا عمير".  

هذا وما أشبهه من المزاح، وهو حق كله.

وقال "أبو عبيد" في حديث النغير: إنه أحل صيد المدينة وقد حرمها، فكأنه إنما حرم الشجر أن تعضد، ولم يحرم الطير كما حرم طير مكة [ ص: 342 ] .

قال "أبو عبيد": وقد يكون وجه هذا الحديث أن يكون الطائر إنما أدخل من خارج المدينة إلى المدينة، فلم ينكره لهذا.

قال "أبو عبيد": ولا أرى هذا إلا وجه الحديث.

ومما يبين لك أن الدعابة المزاح،  قوله لجابر بن عبد الله حين قال له: "أبكرا تزوجت أم ثيبا"؟

فقال: بل ثيبا.

قال: "فهلا بكرا تداعبها وتداعبك".
 


وبعضهم يقول: "تلاعبها وتلاعبك"   [ ص: 343 ] .

قال "اليزيدي": يقال من الدعابة: هذا رجل دعابة.

وقال بعضهم: دعب.

وكان "اليزيدي" يقول: إنما هو المزاح، وينكر ما سواها.

قال "أبو عبيد": وإنما المزاح عندنا مصدر مازحته ممازحة ومزاحا.

فأما مصدر مزحت فكما قال أولئك مزاحا.

التالي السابق


الخدمات العلمية