الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
691 - وقال " أبو عبيد " في حديث "علي " - رضي الله عنه - [ ص: 344 ] :

"لا جمعة ، ولا تشويق إلا في مصر جامع " .  

قال : حدثناه "جرير " عن "منصور " عن "سعد بن عبيدة " عن "أبي عبد الرحمن السلمي " عن "علي " .

قال " الأصمعي " أراد بالتشريق : صلاة العيد ، وإنما أخذه من شروق الشمس ؛ لأن ذلك وقتها .

قال "أبو عبيد " : يعني أنه لا صلاة يوم العيد ، ولا جمعة إلا على أهل الأمصار ، وإنما سميت صلاة العيد تشريقا لإشراق الشمس ، وهو إضاءتها ، لأن ذلك وقتها .

ويقال : شرقت الشمس : إذا طلعت شروقا ، وأشرقت إشراقا : إذا أضاءت .

قال : وأخبرني " الأصمعي " عن "شعبة " قال : قال لي "سماك بن حرب " في يوم عيد : اذهب بنا إلى المشرق ؛ يعني إلى المصلى .

قال "أبو عبيد " : ومما يبين هذا المعنى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : حدثني "ابن مهدي " عن "شعبة " عن "سيار " عن [ ص: 345 ] "الشعبي " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "من ذبح قبل التشريق فليعد " .  

قال : وحدثنا "هشيم " قال : أخبرنا "سيار " عن "الشعبي " عن "النبي" - صلى الله عليه وسلم - نحوه .

وفي ذلك يقول "الأخطل " :


وبالهدايا إذا احمرت مذارعها في يوم ذبح وتشريق وتنحار

قال "أبو عبيد " : وأما قولهم : أيام التشريق ، فإن فيه قولين :

يقال : سميت بذلك ؛ لأنهم كانوا يشرقون فيها لحوم الأضاحي .

ويقال : بل سميت به ؛ لأنها كلها أيام تشريق لصلاة يوم النحر ، يقول : فصارت هذه الأيام تبعا ليوم النحر ، وهذا أعجب القولين إلي [ ص: 346 ] .

وكان "أبو حنيفة " يذهب بالتشريق إلى التكبير في دبر الصلوات ، يقول : لا تكبير إلا على أهل الأمصار تلك الأيام ، فيقول : من صلى في سفر ، أو في غير مصر ، فليس عليه تكبير .

وهذا كلام لم نجد أحدا يعرفه . أن التكبير يقال له : التشريق ، وليس يأخذ به [أحد ] من أصحابه - لا "أبو يوسف " ، ولا "محمد" - كلهم يرى التكبير على المسلمين جميعا ، حيث كانوا في السفر والحضر ، وفي الأمصار وغيرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية