الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
78 - وقال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا سافر سفرا، قال: "اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكون، وسوء المنظر في الأهل والمال"   [ ص: 275 ] .

قال: حدثنيه عباد بن عباد، وأبو معاوية، عن عاصم الأحوال، عن عبد الله بن سرجس المخزومي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

أما قوله: من وعثاء السفر: فإن الوعثاء شدة النصب والمشقة، وكذلك هو في المأثم، قال "الكميت" يعاتب "جذاما" على انتقالهم بنسبهم من "خزيمة بن مدركة". وكان يقال: إنه جذام بن أسدة بن خزيمة أخي أسد بن خزيمة، فانتقلوا إلى اليمن فيما أخبرني "ابن الكلبي" فقال "الكميت":


وأين ابنها منا ومنكم وبعلها خزيمة والأرحام وعثاء حوبها

يقول: إن قطيعة الرحم مأثم شديد .

وإنما أصل الوعثاء من الوعث، وهو الدهس والمشي يشتد فيه على صاحبه فصار مثلا لكل ما يشق على فاعله [ ص: 276 ] .

وقوله: وكآبة المنقلب، يعني أن ينقلب من سفره إلى منزله بأمر يكتئب منه، أصابه في سفره، أو مما يقدم عليه.

وقوله: الحور بعد الكون:  هكذا يروى بالنون.

قال: وأخبرني عباد بن عباد، قال: سئل "عاصم" عن هذا، فقال: ألم تسمع قوله: حار بعد ما كان؟

يقول: إنه [كان] على حال جميلة، فحار عن ذلك، أي رجع. وهو في غير هذا الحديث: الكور - بالراء - .

وزعم "الهيثم" أن "الحجاج بن يوسف" بعث فلانا - قد سماه - على جيش، وأمره عليهم إلى الخوارج، ثم وجهه بعد ذلك إليهم تحت لواء غيره، فقال له الرجل: هذا الحور بعد الكور.

فقال له "الحجاج": ما قولك: الحور بعد الكور؟

فقال: النقصان بعد الزيادة.

ومن قال هذا أخذه من كور العمامة، يقول: قد تغيرت حاله، وانتقضت [ ص: 277 ] كما ينتقض كور العمامة بعد الشد، وكل هذا قريب بعضه من بعض في المعنى.

التالي السابق


الخدمات العلمية