الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أحاديث أبي موسى الأشعري [رحمه الله]

835 - وقال " أبو عبيد " في حديث " أبي موسى الأشعري": " إن هذا القرآن كائن لكم أجرا، وكائن عليكم وزرا، فاتبعوا القرآن، ولا يتبعنكم القرآن، فإنه من يتبع القرآن يهبط به على رياض الجنة، ومن يتبعه القرآن يزخ في قفاه حتى يقذف به في نار جهنم".  

قال: حدثناه " هشيم" ، و " ابن علية" ، كلاهما عن " زياد بن مخراق" ، عن " أبي إياس" ، عن " أبي كنانة" ، عن " أبي موسى الأشعري".

قوله: اتبعوا القرآن: أي اجعلوه أمامكم، ثم اتلوه، كقوله [ - جل وعز - ] :

الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته

قال: حدثنا " عباد بن العوام" ، عن " داود بن أبي هند" ، عن " عكرمة" في قوله: يتلونه حق تلاوته ، قال: يتبعونه حق اتباعه، ألا ترى أنك تقول [ ص: 196 ] :

فلان يتلو فلانا: والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها

قال " أبو عبيد ": [و] أما قوله: " لا يتبعنكم القرآن".  فإن بعض الناس يحمله على معنى لا يطلبنكم القرآن بتضييعكم إياه، كما يطلب الرجل صاحبه بالتبعة، وهذا معنى حسن يصدقه الحديث الآخر: " إن هذا القرآن شافع مشفع، وماحل مصدق" ، فجعله يمحل بصاحبه إذا لم يتبع ما فيه، والماحل: الساعي.

وفيه قول آخر - هو عندي أحسن من هذا - قوله: " ولا يتبعنكم القرآن".

يقول: لا تدعوا العمل به، فتكونوا قد جعلتموه وراء ظهوركم، وهو أشد موافقة للمعنى الأول، لأنه إذا اتبعه كان بين يديه، وإذا خالفه كان خلفه، ومن هذا قيل: لا تجعل حاجتي بظهر: أي لا تدعها فتكون خلفك.

ومن ذلك حديث يروى عن " الشعبي" ، قال: حدثنا " الأشجعي، عبيد الله بن عبد الرحمن" ، عن " مالك بن مغول" ، عن " الشعبي" في قوله: فنبذوه وراء ظهورهم [ ص: 197 ] قال: أما إنه كان بين أيديهم، ولكنهم نبذوا العمل به، فهذا يبين لك أن من رفض شيئا فقد جعله وراء ظهره.

وقوله: يزخ في قفاه:  يدفعه، يقال: زخخته أزخه زخا.

التالي السابق


الخدمات العلمية