الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              باب: قع .

                              حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا موسى بن عبيدة، عن إياس بن سلمة، عن أبيه: " بعثت قريش خارجة بن كرز يطلع لهم، فرجع حامدا يحسن الثناء، فقالوا: إنك أعرابي قعقعوا لك السلاح، فطار فؤادك " .

                              حدثنا الحكم بن موسى، حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا عقيل بن مدرك، أن أبا الدرداء قال: "شر النساء السلفعة التي لأسنانها قعقعة" .

                              حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا علي بن الحسن، حدثنا حسين، حدثنا علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس: "نزل مع آدم عليه السلام الميقعة، والسندان، والكلبتان" .

                              حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمر، حدثني أسامة، عن شيخ، من بني سعد [ ص: 55 ] : "قدمت حليمة على النبي صلى الله عليه، وقد تزوج خديجة وأعطاها أربعين شاة وبعيرا موقعا للظعينة" .

                              حدثنا موسى، حدثنا حماد بن سلمة، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه قال: "ما من صاحب غنم لا يؤدي حقها إلا بطح لها بقاع قرقر، تطؤه بأظلافها، وتنطحه بقرونها"   .

                              حدثنا مسدد، حدثنا عبد الواحد، عن ليث، عن مجاهد، عن أبي هريرة: "نهى النبي صلى الله عليه أن أقعي إقعاء القرد" .

                              حدثنا موسى، حدثنا وهيب، عن ابن طاوس، عن أبيه: "أنه رأى ابن عمر، وابن عباس يقعيان" .

                              حدثنا علي، أخبرنا شعبة، عن يحيى بن حصين: سمعت طارقا قال: كان بين سعد وخالد كلام، فذهب رجل ليقع في خالد عند سعد، فقال: "مه إن ما بيننا لم يبلغ ديننا" .

                              [ ص: 56 ] حدثنا شجاع، حدثنا هشيم، عن حجاج، عن أبي عون، عن شريح: اختصم إليه في رجل وقع على رجل قال: "يضمن الأعلى الأسفل" قوله: "قعقعوا لك السلاح"، وقوله: "تسمع لأسنانها قعقعة" . وهي حكاية صوت الترسة والجلود اليابسة أخبرني أبو نصر عن الأصمعي قال: القعقعة: صوت الرعد وصواعقه، وأنشدنا:


                              يسهد من ليل العشاء سليمها لحلي النساء في يديه

                              قعاقع وصف حية، فقال: إذا لسعت رجلا يسهد: يوقظ، سليمها: لسيعها، يجعل في يديه الحلي والخلاخل فيحركه لكي لا ينام، فيدب السم فيه وقال رؤبة:


                              شاحي لحيي قعقعاني الصلق     قعقعة المحور خطاف العلق

                              .

                              [ ص: 57 ] قوله: "نزل مع آدم الميقعة"، أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: الميقعة: المطرقة التي تضرب بها الحديد، والجمع المواقع، ومنه وقعت السهم أقعه وقعا إذا ضربته بالميقعة قال أبو زيد: وقعت المدية والسيف، أقعها وقعا: إذا دققتها بين حجرين حتى ترقها وتسوي فلولا إن كان فيها، وهي مدية موقوعة، ووقيع. وأنشدنا أبو نصر:


                              سلاط حداد أرهفتها المواقع

                              وقال طفيل:


                              كأن عراقيب القطا أطر لها     حديث نواحيها بوقع وصلب

                              يقول: العقبة: التي على فوق السهم، شبهها بعراقيب القطا. والأطرة: عقبة يحاط بها على الفوق. بوقع: بضرب. الصلب: مسان كبار، ليس هي فراخا .

                              [ ص: 58 ] وقال عنترة:


                              وآخر منهم أجررت رمحي     وفي البجلي معبلة وقيع

                              قوله: أعطاها بعيرا موقعا: أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: يقال للبعير إذا كثر به أثر الدبر: إنه لموقع الظهر، والمكان الصلب يمسك الماء كالنقرة، وهو وقيعة، ومثله الوقط والوجذ أخبرني عمرو عن أبيه: الوقيع من الأرض التي تنشف الماء. أرض وقيعة، ومكان وقيع، وقال غيره: الجمع وقائع، قال:


                              إذا شاء راعيها استقى من وقيعة     كعين الغراب صفوة لم تكدر

                              وقال آخر:

                              إذا

                              ما استبالوا الخيل كان أكفهم     وقائع للأبوال والماء أبرد

                              وقوله: "بطح لها بقاع قرقر"

                              أخبرني أبو نصر عن الأصمعي: قاعة الدار، وساحة الدار، وباحة الدار، وصرحة الدار، وقارعة الدار، وعذرة: كله واحد، والقاع: الأرض التي طينتها حرة، والجميع: القيعان وقال الله تعالى: كسراب بقيعة ، أي: بقاع من الأرض .

                              [ ص: 59 ] حدثنا عبيد الله بن عمر، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: بقيعة : "أي بقاع" أخبرنا الأثرم، عن ابن عبيدة: "القيعة والقاع واحد" .

                              أخبرنا سلمة، عن الفراء، " بقيعة : جماع القاع، كما قالوا: جار وجيرة " وأنشدنا أبو نصر:


                              كأن أيديهن بالقاع القرق     أيدي عذارى يتعاطين الورق



                              الورق: يعني الدراهم، والورق من الأثاث والورق ورق الشجر والبياض، وصف حمرا غدت لترد، فقال: كأن أيديهن، فسكن الياء، وكان الحكم أن ينصبها، فيقول: كأن أيديهن، فاضطر إلى ذلك، كما قال:

                              سوى مساحيهن تقطيط الحقق .

                              [ ص: 60 ] فسكن الياء من ضرورة الشعر والقاع القرق والقرقر، والقرقوس: الأملس الذي لا شيء فيه قال إبراهيم: قال العبسي: لا أعرف القرقوس قوله: "نهى عن الإقعاء" في حديث أبي هريرة، وهو أن يكون في جلوسه كأنه متساند إلى ظهره، والكلب والذئب يقعيان، وهو وضع الألية على الأرض، ونصب الساقين، ووضع الراحتين على الأرض، وهذا لا رخصة فيه وأما الإقعاء في حديث ابن عمر، وابن عباس بين السجدتين ففيه رخصة أن ينصب قدميه بين السجدتين، ويجلس عليهما. والإقعاء في الأنف أن تشرف الأرنبة، ثم تقعي نحو القصبة، وسمعت أبا نصر يقول: قاع الفحل، وقعا: إذا سفد وأنشدنا:


                              لفحلنا، إن سره التنوخ     قاع وإن يترك فشول دوخ

                              .

                              [ ص: 61 ] يقول: إن تركها الفحل، وهي التي أتى لحملها تسعة أشهر فخف لبنها: ارتفع وقل وشالت الميزان: خفت. وشالت نعامتهم: مضوا قوله: "فوقع في خالد عند سعد " أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي، يقال: وقع فلان في الناس وقيعة. وفلان وقاع ووقاعة، ووقع فلان بما أكره، إذا قال في الناس. وأوقع فلان بفلان ما يسوؤه، وفلان ذو وقيعة في الناس يغتابهم، وأوقع به الدهر إيقاعا. وقال أبو زيد: " وقعت بالقوم أقع وقيعة، ووقعة. وأوقعت بهم، أوقع إيقاعا قال:


                              لقد أوقع الجحاف بالبشر وقعة     إلى الله منها المشتكى والمعول

                              .

                              [ ص: 62 ] وقال:


                              يخبرك من شهد الوقيعة أنني     أغشى الوغى وأعف عند المغنم



                              قوله: "رجل وقع على رجل" : أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي، يقال: وقع الشيء يقع وقوعا، ومكانه الذي يقع عليه الموقعة. ووقع من يدي، وسقط من يدي، ووقع بالأرض، ولا يقال: سقط، كما قال الراعي:


                              وقع الربيع وقد تقارب خطوه     ورأى بعقوته أزل نسولا



                              أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي، يقال: وقع يوقع وقعا: إذا اشتكى لحم قدميه من غلظ الأرض. أخبرنا عمرو ، عن أبيه قال: الوقع: الحفى قال الأخطل:


                              تنجو نجاء أتان الوحش إذ رتكت     ومس أخفافهن النص والوقع



                              أخبرنا عمرو، عن أبيه قال: الوقع: الحفي، ويقال: وقعت الناقة، أي حفيت. ووقع الرجل. وأنشدنا: [ ص: 63 ]


                              يا ليت لي نعلين من جلد الضبع     وشركا من استها لا تنقطع



                              قال ابن الأعرابي: الوقع: الحفى، ووقعته الحجارة: إذا نكبته وأنشد:


                              كل الحذاء يحتذي الحافي الوقع

                              أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي، يقال: وقعت عن كذا، ومن كذا وقعة ووقوعا، ووقعت في العمل وقوعا، وأوقع به الدهر إيقاعا، وكوى فلان فلانا، وقاع يا هذا، وهي كية من مقدم الرأس إلى مؤخره. قال:


                              وكنت إذا منيت بخصم سوء     دلفت له فأكويه وقاع



                              أخبرنا عمرو، عن أبيه، عن الهذلي قال: " الوقع: الطخاف من السحاب، وهو الذي يطمع أن يمطر " .

                              [ ص: 64 ] قال الطائي: الوقيعة تتخذ من الخوص والعراجين مثل السلة وقال أبو زيد: أعقى إعقاء إذا اشتدت مرارته قال: لا تكن حلوا فتسترط، ولا مرا فتعقي. والقعاع ماء مر غليظ، والقعقاع: طريق بين اليمامة والكوفة قال عمرو بن أحمر:


                              فلما أن بدا القعقاع لجت     على شرك تناقله نقالا



                              القعو: الذي تكون فيه البكرة من خشب، وإن كان حديدا فهو خطاف، وأنشدنا:


                              مقذوفة بدخيس النحض بازلها     له صريف صريف القعو بالمسد



                              قوله: مقذوفة أي: رميت بالنحض والنحض: اللحم .

                              [ ص: 65 ] والدخيس: الكثير، لبازلها صريف: صياح والقعو: الذي فيه البكرة والمسد: حبل من ليف المقل أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: اسم ضراب الفحل القعو، قاع يقعو قعوا، وقاع يقوع قوعا وقياعا، وعاسها وقرعها ومخطها مخطا. وزاد غير الأصمعي: تجثمها وتسنمها وتدأمها، وقال الأصمعي: هذا فرس إذا أقبل قلت: أقعى، وإذا ولى، قلت: جبا، وإذا استعرضته، قلت: استوى .

                              [ ص: 66 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية