الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              باب: عرف .

                              حدثنا أحمد بن حجاج، حدثنا ابن المبارك، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه: "ما من مجروح إلا يجيء يوم القيامة اللون لون دم، والعرف ريح مسك"   .

                              حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا أبو غسان، عن إسحاق بن الفضل الهاشمي، عن مغيرة بن عطية، عن أبي الزبير، عن جابر قال: "لم يكن رسول الله صلى الله عليه يمر في طريق، فيمر فيه أحد إلا علم أنه قد مر من طيب عرفه" .

                              حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حوشب بن عقيل، عن مهدي الهجري، حدثنا عكرمة، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه "نهى عن صوم عرفة بعرفة" .

                              [ ص: 187 ] حدثنا ابن الصباح، حدثنا هشيم، أخبرنا يونس، عن عمرو بن سعيد، عن أبي زرعة، قال جرير: رأيت النبي صلى الله عليه يفتل عرف فرس، ويقول: "الخيل معقود بنواصيها الخير" .

                              حدثنا محمد بن أبي سمينة، حدثنا محمد بن يزيد، عن أصبغ، عن القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد، "ما أكلت لحما أطيب من معرفة برذون" .

                              حدثنا عمرو بن مرزوق، أخبرنا عكرمة بن عمار، حدثنا طيسلة بن علي، كنت عند ابن عمر، فقال رجل: من المؤمن؟ قال: "الذي يأمن من أمسى بعقوته من عارف أو منكر" .

                              حدثنا موسى، حدثنا حماد، عن خالد، عن أبي العلاء، عن مطرف، عن عياض بن حمار، سئل النبي صلى الله عليه عن اللقطة قال: "تعرف، ولا تكتم" .

                              [ ص: 188 ] حدثنا مسدد، حدثنا بشر بن مفضل، حدثنا غالب القطان، عن رجل، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه: "العرافة حق ولا بد للناس من عرفاء، ولكن العرفاء في النار" .

                              حدثنا مسدد، حدثنا أبو عوانة، عن أبي مالك، عن ربعي، عن حذيفة قال: قال نبيكم صلى الله عليه: "كل معروف صدقة" .

                              حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي، حدثنا عطاء بن جبلة، عن الأعمش، عن خيثمة، " قال عدي بن حاتم لعمر: لعمرك ما تعرفني؟ قال: بلى، الله يعرفك، أسلمت إذ كفروا، ووفيت إذ غدروا [ ص: 189 ] قوله: العرف عرف مسك حدثني محمد بن مقاتل، حدثنا ابن المبارك قال: " العرف: الريح الطيب يجدها الإنسان " وقال الخليل قوله: عرفها لهم : طيبها لهم،  وأنشد:


                              ألا رب يوم قد لهوت وليلة بواضحة الخدين طيبة العرف



                              وفيه وجه آخر .

                              حدثنا به أبو نعيم، عن موسى بن قيس، عن سلمة بن كهيل: عرفها لهم : يعرفون طرقها " .

                              حدثنا إبراهيم بن عرعرة، عن أبي عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عرفها لهم : "يهتدي أهلها إلى بيوتهم لا يخطئون" .

                              أخبرنا سلمة، عن الفراء، " عرفها لهم : يعرفون منازلهم إذا دخلوا " .

                              أخبرنا الأثرم، عن أبي عبيدة: " عرفها لهم : بينها وعرفهم منازلهم " وقال أبو زيد: لا يعجز مسك السوء عن عرف السوء يقول: يجد منه ريحا خبيثة مثل اللئيم الذي يبوح بلومه والعرف نبات [ ص: 190 ] وقوله: " نهى عن صوم عرفة بعرفة: يوم موقف الناس بعرفة .

                              حدثنا سريج، حدثنا هشيم، عن عبد الله، عن عطاء، " إنما سميت عرفات؛ لأن جبريل عليه السلام أرى إبراهيم عليه السلام المناسك، فجعل يقول: عرفت عرفت " قوله: يفتل عرف فرس أخبرني أبو نصر عن الأصمعي: عرف الفرس ما نبت من الشعر بين منسجه وقذاله وقال أبو زيد: عرف الدابة، وهي الأعراف من الناصية إلى المنسج، ومعرفة البرذون أصل عرفه أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: الأعرف: الجبل يحدودب وسيل أعرف إذا كان له عرف قوله: يأمن من أمسى بعقوته من عارف العارف: المسلم الذي عرف الإيمان، وأقر به، والمنكر: الكافر الذي أنكر الإيمان وأباه، قوله: تعرف، ولا تكتم التعريف: أن تصيب شيئا، فتنادي: من يتعرف هذا؟ .

                              [ ص: 191 ] قوله: لا بد من عرفاء الواحد عريف، وسمي عريفا؛ لأنه عرف بذلك وقال أبو زيد: عرف على قومه يعرف عرافة، إذا كان عريفا عليهم ونقب قومه ينقب نقابة إذا كان نقيبا ونكب عليهم ينكب نكابة في المنكب وهو دون النقيب قوله: كل معروف صدقة المعروف والعرف واحد قال:


                              أبى الله إلا عدله وقضاءه     فلا النكر معروف ولا العرف ضائع



                              قوله: أعرفك بأحسن المعرفة قال أبو زيد: عرفتي به قديمة، ومعرفتي، وعرفاني، وأنا به عريف وعارف، ويقال: أصابته مصيبة، فوجد عروفا أي صبورا قال:


                              على عارفات للطعان عوابس     بهن كلوم بين دام وجالب



                              معنى الجالب: الجلدة التي تكون على الجرح إذا أراد أن يبرأ .

                              [ ص: 192 ] وقال أبو ذؤيب في عريف بمعنى عارف:


                              فراغ وزودوه ذات فرغ     لها نفذ كما قد النصيف
                              وغادر في رئيس القوم أخرى     مشلشلة كما نفذ الخصيف
                              فلما خر عند الحوض طافوا     به وأبانه منهم عريف
                              فقال: أما خشيت وللمنايا     مصارع أن تخرقك السيوف

                              .

                              [ ص: 193 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية