الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              باب: عتر .

                              حدثنا علي، أخبرنا محمد بن يزيد، عن زياد الجصاص، عن الحسن، عن قيس بن عاصم، عن النبي صلى الله عليه: "نعم المال الأربعون، ويل لأصحاب المئين إلا من نحر سمينها وأطعم القانع والمعتر"   .

                              حدثنا مسدد، حدثنا بشر بن مفضل، عن خالد، عن أبي قلابة، عن أبي المليح، عن نبيشة، نادى رسول الله صلى الله عليه رجل بمنى: " إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب قال: اذبحوا لله في أي شهر ما كان " .

                              حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، حدثني عمران بن ظبيان، عن حكيم بن سعد قال: " قالوا لعلي: "لو وجدنا قاتلك أبرنا عترته قال به به، ذاك الظلم، النفس النفس" .

                              حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن جريج، عن أبيه، " [ ص: 207 ] لا بأس أن يتداوى المحرم، بالعتر" .

                              أخبرني محمد بن صالح، عن محمد بن عمر، عن أبي جعفر، عن أسيد بن أبي أسيد قال: "أهدي لرسول الله صلى الله عليه عتر وضغابيس، فجعل يأكل من العتر، وأعجبه" وقوله: والمعتر .

                              حدثنا محمد بن الصباح حدثنا هشيم، أخبرنا، يونس، ومنصور، عن الحسن، " المعتر: الذي يتعرض ولا يسأل " .

                              أخبرنا أبو عمر، عن الكسائي: المعتر: "الذي يعتريك" .

                              أخبرنا سلمة، عن الفراء "المعتر يتعرض للعطية ولا يسأل" .

                              أخبرنا الأثرم، عن أبي عبيدة: " المعتر: الذي يعتريك يأتيك لتعطيه " [ ص: 208 ] أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي، يقال: عره يعره عرا إذا أتاه وأطاف به، ومثله اعتراه، وعراه يعروه، واعتراه يعتريه، وذلك إذا أتاه وأنشدنا:


                              ترعى القطاة الخمس قفورها ثم تعر الماء فيمن تعر



                              وصف مفازة، فقال: ترعى القطاة قفورها: نبت، ثم تعر: تأتي الماء، يقال: اعتريت فلانا، واعتررته، وعروته وعررته قال أبو إسحاق: وسمعت في المعتر بوجه آخر .

                              حدثنا عبيد الله بن عمر، عن أبي معشر البراء، عن يوسف بن مهاجر، سألت القاسم بن أبي برة: ما المعتر؟ قال: "الذي يأتيك يسألك" قال أبو داود:


                              في شباب يحبهم من عراهم     يدفعون المكروه بالحسنات



                              قوله: نعتر عتيرة .

                              حدثنا أبو بكر، حدثنا ابن نمير، حدثنا داود بن قيس، عن عمرو بن شعيب، "العتيرة كنا نسميها الرجبية، يذبح أهل البيت الشاة في رجب فيأكلونها ويطعمون" .

                              [ ص: 209 ] حدثنا أبو بكر، حدثنا أبو أسامة، عن ابن عون، سألت الشعبي عن " العتيرة قال: في عشر يبقين من رجب " .

                              رأيت في كتاب محمد بن عمر، عن مالك، وابن أبي ذئب، والثوري، "العتيرة في رجب كانوا يمسحون أصنامهم، من دمائها يطلبون ثراء أموالهم" يعني كثرة أموالهم. قال:


                              فزل عنها ووافى رأس مرقبة     كمنصب العتر دمى رأسه النسك



                              هذا كأنه جعل العتر الصنم الذي ذبحت له العتيرة قال الحارث بن حلزة:


                              عننا باطلا وظلما كما يعـ     ـتر عن حجرة الربيض الظباء



                              كان أحدهم ينذر غنما فيضن بها فيذبح مكانها ظبيا فكأن الظباء مظلومة وقال آخر:


                              كلون الغري الفرد أجسد رأسه     عتائر مظلوم الهدي المذبح

                              .

                              [ ص: 210 ] وصف ذئبا، فقال: لونه كلون الغري: صنم أجسد رأسه: يبس الدم على رأسه من كثرة ما يلطخ به ومظلوم الهدي: ما يهدى للصنم وعتائر جمع عتيرة، وقال: مظلوم؛ لأنها تذبح لغير علة، والقول الأول في مظلوم الهدي أحسن قوله: "أبدنا عترته" ولده، وولد ولده، وبني عمه دنيا قوله: "يتداوى بالعتر"، "وأهدي للنبي صلى الله عليه عتر" بقلة تقطع فيخرج من القطع لبن أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: العترة من الأحرار يعني البقل. وقال غيره: شجرة غبيراء فطيحاء الورق كالدراهم مستديرة تنبت فيها جراء يأكله الناس، غضة، تنبت في الربيع بنجد، وفي السهل والجبل، فإذا .

                              [ ص: 211 ] يبس صار في جوفه شيء كالقطن لا ينفع أحدا، ولا يرعى يابسه أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي، يقال: عتر، يعتر ويعتر عترانا إذا اهتز، وعتر الذكر يعتر ويعتر عتورا وعترانا إذا اهتز، والعسل مثله وأنشدنا:


                              تغاوي العقبان يمزقن الجزر     في سلب الغاب إذا هز عتر



                              جعل ما يصيد العقبان جزرا لها والجزرة: الشاة المذبوحة وسلب الغاب: رماح، والغاب: الأجمة .

                              [ ص: 212 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية