الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              غريب ما رواه عتبة بن غزوان عن النبي صلى الله عليه.

                              باب: حذ.

                              حدثنا أبو كريب، حدثنا يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي نضرة: " خطبنا عتبة بن غزوان بالبصرة فقال: إن الدنيا ولت حذاء، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يصطبها صاحبها ".  

                              حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا صفوان بن عيسى، حدثنا أبو نعامة، عن خالد بن عمير، وشويس، قالا: "خطبنا عتبة بن غزوان فقال: "إن الدنيا قد آذنت بصرم، وولت حذاء".

                              حدثنا محمد بن الصباح، أخبرنا سفيان، عن إسماعيل بن أمية، عن المقبري، عن يزيد بن هرمز، عن ابن عباس، قال: "قد كان النبي صلى الله عليه يحذيهم، يعني النساء والمملوكين".  

                              [ ص: 1186 ] حدثنا أحمد بن جعفر الوكيعي، حدثنا وكيع، عن سفيان، ومالك بن معول، عن سلمة، عن أبي الزعراء، عن عبد الله، قال: "يأتي على الناس زمان يغبط الرجل بخفة حاذه".

                              حدثنا عبيد الله بن عمر، أخبرنا أبو يحيى التيمي، حدثنا أبو إسحاق المخزومي، عن المقبري، عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه: "إنما فاطمة حذية مني يقبضني ما قبضها" .

                              حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني، أخبرني نوف البكالي: "أن الهدهد، ذهب إلى خازن البحر فاستعار منه الحذية، فجاء بها فألقاها على الزجاجة ففلقها".

                              حدثنا إبراهيم بن محمد، حدثنا حرمي، عن جابر بن يزيد بن رفاعة، عن نصر بن أبي هند: حدثني الهزهاز [ ص: 1187 ] : " قدمت على عمر بفتح، فلما رجعت إلى العسكر تلقاني الناس، فقالوا: الحذيا ما أصبت من أمير المؤمنين، قلت: الحذيا شتم وسب".

                              حدثنا هارون بن معروف، حدثنا ابن وهب، أخبرنا أبو صخر، عن ابن قسيط، عن عبيد بن جريج، قلت لابن عمر: "رأيتك تحتذي السبت؟ قال: كان النبي صلى الله عليه هذا حذاؤه فلا أزال أحتذيه أبدا".

                              حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا زائدة، عن السائب، عن معدان، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه: "ما من قوم لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان".  

                              حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا يزيد بن زريع، عن ابن عون، عن ابن عباس، قال: "ذات عرق حذو قرن".

                              حدثنا عبيد الله بن عائشة، حدثنا جويرية، عن عمر بن موسى، نظر الحجاج إلى خنفس فقال: "هذه من وذح إبليس".

                              [ ص: 1188 ] حدثنا أبو نعيم، حدثنا مرحوم العطار، حدثني أبي، عن أبي الزبير، مؤذن بيت المقدس، قال: قال لي عمر: "إذا أقمت الصلاة فاحذم" قوله: "ولت حذاء" يقول مدبرة ماضية منقطعة، والحذو: "القطع المستأصل، والحمار القصير الذنب أحذ" وقال أبو نصر: قيل للقطاة حذاء لقصر ذنبها وأنشدني:


                              حذاء مدبرة، سكاء مقبلة للماء في النحر منها نوطة عجب



                              قوله: "حذاء" يقول: قصيرة الذنب إذا أدبرت "وسكاء" يقول: صغيرة الأذنين، مقبلة وقوله: "للماء في النحر منها نوطة عجب" يعني حوصلتها كما قال:


                              ناطت إداوتها إلى حيزومها     فتروحت عجلى النجاء تسرع

                              .

                              [ ص: 1189 ] قوله: "كان يحذي النساء" وقولهم للهزهاز "الحذيا" أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي يقال: أحذاه يحذيه إحذاء وحذية وحذوة وحذوا: إذا أعطاه، يقال: أعطيته حذية من لحم، وفلذة، وحذوة، كله ما قطع طولا، وما كان مجتمعا: فبضعة وهبرة وفدرة ووذرة" قوله: "يغبط بخفة الحاذ" أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: الحاذان: ما يقع الذنب عليه من دبر الفخذين، وإنه لخفيف الحاذ يريد المال والحاذان: ما بطن من دبر الفخذين، والأحذ: الخفيف الذنب وأخبرني أبو عدنان: الحاذان من الناقة مواخر فخذيها، وكذلك من الإنسان، فإذا كان الإنسان خفيف لحم ذلك الموضع كان أخف له في القيام، وإذا كان الرجل ليس له عيال قيل له: خفيف الحاذين ليس له عيال يقعدونه عن المسير والرحلة، وأنشدني:


                              سيكفيك الجعالة مستميتا     خفيف الحاذ من فتيان جرم



                              وقال آخر:


                              كأن بحاذيها إذا ما تشذرت     عثاكيل عذق من سميحة مرطب

                              .

                              [ ص: 1190 ] قوله: "حذية مني" أي قطعة حذيت، يريد قطعت مني وأخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: حذى يده يحذيها حذيا أي قطعها وأعطيته حذية من لحم، وفلذة، وحذة: كله ما قطع طولا، فإن كان مجتمعا قلت: بضعة، وهبرة، وفدرة، ووذرة قوله: "فاستعار منه الحذية": أظنه الماس الذي يحذي الحجارة: يقطعها وقال أبو زيد: حذيت الإهاب أحذيه حذيا إذا أكثرت فيه التحزيز، وإن إهابك لكثير الحذي قوله: "تحتذي السبت" أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: الحذاء: النعل، حذا له نعلا إذا عمل له نعلا، وحذاه إذا عمل له، وهو جيد الحذاء، يريد: جيد القد قوله: استحوذ عليهم الشيطان أخبرنا الأثرم، عن أبي عبيدة: استحوذ يقول: غلب عليهم وحازهم وقوله: "ذات عرق حذو قرن".

                              [ ص: 1191 ] أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي يقال: هو حذاؤه وبحذائه، وتحذ بالشجرة: صر بحذائها قوله: "من وذح إبليس" أخبرني أبو نصر، عن أبي زيد يقال: الوذح: ما يتعلق بالأصواف من أبعارها فتجف عليه، وذحت تيذح وذحا قال:


                              فترى الأعداء حولي شزرا     خاضعي الأعناق أمثال الوذح



                              وأخبرنا عمرو، عن أبيه، عن الزهيري: الوذاح: المرأة الفاسدة تتبع العبيد، قال:


                              ذلول للقعود بمأبضيها     ذروم الليل صنبرة وذاح

                              في كتاب ابن غانم، دروم بالدال.

                              [ ص: 1192 ] قوله: "فاحذم" يقول: لا تطل، وسيف حذيم: قاطع أخبرنا عمرو، عن أبيه: يقال: نحن بمذحاة من الأرض: إذا لم يسترهم من الريح شيء أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: يقال: لبن يحذي اللسان: أي يقرص وقال ابن الأعرابي: حوذي وحوزي: شديد الخلق، حاذ يحوذ حوذا وقال أبو نصر: يعني ساق الحوزي: السائق وأحوذ ثوبه: إذا ضمه إليه، قال:


                              يحوذهن وله حوذي     كما يحوذ الفئة الكمي

                              .

                              [ ص: 1193 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية