الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
[ ص: 408 ] قالوا : وقال أشعيا أيضا : يخرج عصاه من بيت يسي ينبت نور منها ، ويحل فيه روح القدس روح الله ، روح الحكمة والفهم ، روح الحيل والقوة ، روح العلم وخوف الله .

وفي تلك الأيام يكون أصل يسي آية للأمم ، وبه يؤمنون وعليه يتوكلون ، ويكون لهم التاج والكرامة إلى دهر الداهرين ) .

[ ص: 409 ] والجواب : أن هذا الكلام بعد المطالبة بصحة نقله عن النبي ، وصحة الترجمة له باللسان العربي - هو حجة على النصارى لا لهم ، فإنه لا يدل على أن المسيح هو خالق السماوات والأرض ، بل يدل على مثل ما دل عليه القرآن من أن المسيح عليه السلام أيد بروح القدس ، فإنه قال : ويحل فيه روح القدس ، وروح الله ، وروح الحكمة والفهم ، وروح الحيل والقوة ، روح العلم وخوف الله ) ، ولم يقل تحل فيه حياة الله - فضلا عن أن يقول حل فيه الله أو اتحد به ، ولكن جعل روح القدس هي روح الله ، وهي روح الحكمة والفهم والعلم ، وهي روح الحيل والقوة .

كما أن عندهم في التوراة ( أن الذين كانوا يعملون في قبة الزمان حلت فيهم روح الحكمة روح الفهم ، روح العلم ) .

[ ص: 410 ] فهي ما يحصل به الهدى والنصر ، كما قال تعالى :

واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار .

فقال : هي روح الله ، وهذا كقوله تعالى :

أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه .

وقوله تعالى :

وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا .

وقال تعالى : ينزل الملائكة بالروح من أمره .

فما أنزله يسمى هدى الله ، وروح الله ، ووحي الله ، ونور الله ، ونحو ذلك .

وقال تعالى لما ذكر أنبياءه من ذرية إبراهيم فقال : ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين ( 84 ) وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين ( 85 ) وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ( 86 ) ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ( 87 ) ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده .

[ ص: 411 ] وقال تعالى :

فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى .

وسماه نور الله كقوله تعالى :

الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم .

فهذا هدى الله ، ونور الله هو روح الله كما قال تعالى :

وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا .

وقال تعالى :

أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية