الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
[ ص: 465 ] وأما قولهم : ( نقدسك ، ونعظمك ، ونثلث لك تقديسا مثلثا ، كالمكتوب على لسان نبيك أشعيا ) .

وقولهم : قدوس ، قدوس ، قدوس ، رب القوات ، ورب السماوات والأرض ) ، فيقال : هذا الكلام صريح في أن المثلث هو نفس التقديس لا نفس الإله المقدس .

وكذلك قولهم : ( قدوس ، قدوس ، قدوس ) . قدسوه ثلاث مرات ، فإنه قال : ( نقدسك ، ونثلث لك تقديسا مثلثا ) . فنصب التثليث على المصدر الذي ينصب بفعل التقديس ، فقال : نقدسك تقديسا مثلثا .

( فنصب التقديس على المصدر ) ، كما تقول : سبحتك تسبيحا مثلثا ، أي سبحتك ثلاث مرات ، وقال : نثلث لك أي نثلث تقديسا لك ، لم يقل : أنت ثلاثة ، بل جعلوا أنفسهم هم الذين يقدسون التقديس المثلث ، وهم يثلثون له ، وهذا صريح في أنهم يسبحونه ثلاث مرات ، ولا يسبحون ثلاثة آلهة ، ولا ثلاثة أقانيم .

[ ص: 466 ] وهذا كما في السنن عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا قال العبد في ركوعه : سبحان ربي العظيم ، ثلاثا ، فقد تم ركوعه ، وذلك أدناه ، وإذا قال في سجوده : سبحان ربي الأعلى ، ثلاثا ، فقد تم سجوده وذلك أدناه ) ، والتسبيح هو تقديس الرب ، وأدناه أن يقدسه ثلاث مرات ، فمعناه : قدسوه ثلاث مرات ، لا تقتصروا على مرة واحدة .

ولهذا يقولون مجاوبين : قدوس ، قدوس ، قدوس ، فيقدسونه ثلاث مرات ، فعلم أن المراد تثليث التقديس حيث ما دل عليه لفظه ، وما يفعلونه ممتثلين لهذا الأمر ، وما يفعل في نظير ذلك من تثليث تقديسه ، وأن يقدس ثلاث مرات لا أن يكون المقدس ثلاث أقانيم ، فإن هذا أمر لم ينطق نبي من الأنبياء به لا لفظا [ ص: 467 ] ولا معنى ، بل جميع الأنبياء عليهم السلام أثبتوا إلها واحدا له الأسماء الحسنى .

وأسماؤه متعددة تدل على صفاته المتعددة ، ولا يختص ذلك بثلاثة أسماء ، ولا بثلاث صفات ، ( وليست الصفات أقنوما هو ذات وصفة ، بل ليس إلا ذات واحدة لها صفات ) متعددة ، فالتعدد في الصفات لا في الذات التي يسمونها الجوهر ، ولا في الذات والصفة التي يسمونها الأقنوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية