[ ص: 255 ] وأما النوع الخامس : تأثيره في الأحجار ، وتصرفه فيها ، وتسخيرها له  ففي صحيح  البخاري ،  عن  أنس  قال : صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحدا  ومعه  أبو بكر ،   وعمر ،   وعثمان ،  فرجف بهم الجبل ، فقال : اسكن - وضربه برجله - فليس عليك إلا نبي ، وصديق ، وشهيدان   . وفي الصحيحين عن  جابر بن سمرة ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إني لأعرف حجرا بمكة  كان يسلم علي قبل أن أبعث  ، إني لأعرفه الآن  . وفي  الترمذي ،  عن  علي ،  قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة  فخرجنا في بعض نواحيها ، فما استقبله شجر ، ولا جبل إلا وهو يقول : السلام عليك يا رسول الله  . ورواه  الحاكم  في صحيحه .  [ ص: 256 ] وفي صحيح  مسلم  عن  سلمة بن الأكوع  قال : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا ، فلما واجهنا العدو تقدمته ، فأعلو ثنية ، فاستقبلني رجل من العدو فأرميه بسهم فتوارى عني ، فما دريت ما صنع ، ونظرت إلى القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى ، فالتقوا هم وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فولى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأرجع منهزما ، وعلي بردتان متزرا بإحداهما مرتديا بالأخرى ، فاستطلق إزاري فجمعتهما جميعا ومررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهزما وهو على بغلته الشهباء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد رأى  [ ص: 257 ] ابن الأكوع فزعا . فلما غشوا النبي صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة ، ثم قبض قبضة من الأرض ، واستقبل به وجوههم ، فقال : شاهت الوجوه . فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة ، فولوا مدبرين ، فهزمهم الله  . وفي صحيح  مسلم ،  عن  العباس بن عبد المطلب  قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين  فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب  رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم نفارقه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي  فلما التقى المسلمون ، والكفار  [ ص: 258 ] ولى المسلمون مدبرين ، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار ، قال العباس   : وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها ، وأبو سفيان  آخذ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إرادة أن لا تسرع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي  عباس ،  ناد أصحاب الشجرة . فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها . يا لبيك يا لبيك . قال : فاقتتلوا والكفار ، والدعوة في الأنصار  يقولون : يا معشر الأنصار  ، ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج  فقالوا : يا بني الحارث بن الخزرج .  فنظر رسول الله  [ ص: 259 ] صلى الله عليه وسلم ، وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا حين حمي الوطيس . ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى وجوه الكفار ، ثم قال : انهزموا ورب الكعبة . قال : فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى ، فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته فما زلت أرى حدهم كليلا ، وأمرهم مدبرا حتى هزمهم الله ، وقد قال الله تعالى : عن يوم بدر :  وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى   [ ص: 260 ] وروى  ابن إسحاق ،  عن جماعة منهم عروة ،   والزهري ،  وعاصم بن عمر ،  وغيرهم قالوا : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش هو ،  وأبو بكر  ما معهما غيرهما ، وقد تدانى القوم بعضهم من بعض ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يناشد ربه ما وعده من نصره ويقول : اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد .  وأبو بكر  يقول : بعد مناشدتك ربك يا رسول الله فإن الله سينجز لك ما وعدك من نصره . وخفق رسول الله  [ ص: 261 ] صلى الله عليه وسلم خفقة ، ثم هب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبشر يا  أبا بكر ،  أتاك نصر الله عز وجل ، هذا جبريل  آخذ بعنان فرسه يقوده ، على ثناياه النقع - يقول : الغبار - ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فعبأ أصحابه وهيأهم ، وقال : لا يعجلن رجل منكم بقتال حتى نؤذنه ، فإذا أكثبكم القوم - يقول : قربوا منكم - فانضحوهم عنكم بالنبل ، ثم تزاحم الناس فلما تدانى بعضهم من بعض خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ حفنة من حصباء ثم استقبل بها قريشا ، فنفخ بها وجوههم ، وقال : شاهت الوجوه ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احملوا عليهم يا معشر المسلمين . فحمل المسلمون  [ ص: 262 ] وهزم الله قريشا ،  وقتل من قتل من أشرافهم ، وأسر من أسر منهم . وفي حديث ابن أبي طلحة ،  عن  ابن عباس ،  فقال له جبريل   : خذ قبضة من تراب . فأخذ قبضة من تراب ، ورمى بها وجوههم ، فما في المشركين من أحد إلا وأصاب عينيه ، ومنخريه ، وفمه تراب من تلك القبضة ، فولوا مدبرين  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					