ومعلوم أن من عوده الله إجابة دعائه لا يكون إلا مع صلاحه ودينه ، ومن ادعى النبوة لا يكون إلا من أبر الناس إن كان صادقا أو من أفجرهم إن كان كاذبا ، وإذا عوده الله إجابة دعائه لم يكن فاجرا بل برا ، وإذا لم يكن مع دعوى النبوة إلا برا تعين أن يكون نبيا صادقا ، فإن هذا يمتنع أن يتعمد الكذب ، ويمتنع أن يكون ضالا يظن أنه نبي ، وأن الذي يأتيه ملك ، ويكون ضالا في ذلك ، والذي يأتيه الشيطان فإن هذا حال من هو جاهل بحال نفسه ، وحال من يأتيه ، ومثل هذا لا يكون أضل منه ، ولا أجهل منه ، لأن الله تعالى جعل بين الملائكة والشياطين ، وبين الأنبياء الصادقين ، وبين المتشبهين بهم من الكذابين من الفرق ما لا يحصيه غيره من الفروق ، بل جعل بين الأبرار والفجار من الفروق أعظم مما بين الليل والنهار ، ولأن ما يأتي به الأنبياء من الأخبار والأوامر مخالف من كل وجه لما يأتي به الشيطان ، ومن استقرأ أحوال الرسل وأتباعهم ، وحال الكهان والسحرة تبين له ما يحقق ذلك [ ص: 298 ] والشيطان الذي يقول لمن ليس بنبي : إنك نبي صادق ، والله أرسلني إليك ، يكون من أعظم الناس كذبا ، والكذب يستلزم الفجور فلا بد أن يأمره بما ليس برا بل إثما ، ويخبره بما ليس صدقا بل كذبا كما هو الواقع ممن تضله الشياطين من جهلة العباد ، وممن يزين له أنه نبي أو أنه المهدي أو خاتم الأولياء ، وكل هؤلاء لا بد أن تأمره الشياطين بإثم ، ولا بد أن يكذب في بعض ما تخبره به تحقيقا لقوله تعالى :
هل أنبئكم على من تنزل الشياطين ( 221 ) تنزل على كل أفاك أثيم
وحينئذ فمثل هذا لا يكون مع دعوى النبوة من الأبرار الذين عودهم الله إجابة دعائهم إجابة خارجة عن العادات ، بل لا يكون مع دعوى النبوة إلا من الأفاكين الفجار ، وإذا كان صادقا في دعوى النبوة عالما بأنه صادق ثبت أنه نبي .
والأنبياء معصومون من الإقرار على الخطأ فيما يبلغونه عن الله باتفاق الناس ، وحينئذ فكل ما يبلغه عن الله فهو حق ، وهو [ ص: 299 ] المطلوب ، ومن كان يأتيه صادق وكاذب مثل ابن صياد ، ومثل كثير [ ص: 300 ] من العباد الذين لهم إلهام من الملك ، ووسواس من الشيطان بأنه نبي ، ويقول : أنا أرسلني الله فلا بد أن يتبين كذبه ، ولو ببعض الوجوه ، مثل أن يخبره بكذب ، فإن مثل هذا الشيطان الذي قال له : أنه نبي لا بد أن يكذب فيما يخبره به .
ومثل إخبار الصادق له بأن هذا كذب ، فإذا أتاه الشيطان بالكذب لا بد أن يخبره الصادق الذي يأتيه بما يخالف ذلك بخلاف الإخبار بأمور جزئية ، إذ إخباره بأنه نبي صادق مع أنه ليس كذلك يهلكه هلاكا عظيما ، ويفسد على الصادق جميع ما يأتيه به لأن ذلك يستلزم أن يصدق ذلك الكاذب في كل ما يخبره به ، إذ قد اعتقد أنه نبي ، وحينئذ فلا يكون عنده كاذبا ، ولا يعرف أنه كاذب
فلا يكون مثل ابن صياد ونحوه ، ممن يعرف أنه يأتيه صادق وكاذب ، بل أضل من هؤلاء : يظن أن كل ما يأتيه فهو صادق ، ولهذا كل من كان يأتيه إخبار ملكي صادق ، وإخبار شيطاني كاذب فلا بد أن يعرف أنه يأتيه كاذب لأنه تبين له الكذب فيما يخبره به الشيطان الكاذب كما هو الواقع [ ص: 301 ] ولهذا يوجد الكهان الذين يعرفون كذب من يخبرهم كثيرا ، وكذلك العباد الذين لهم خطابات ومكاشفات بعضها شيطاني وبعضها ملكي ، يتبين لهم الكذب فيما يأتيهم به الشيطان ، كما هو الواقع ، فلا يوجد شيخ عابد له حال شيطاني إلا ولا بد أن يخبره بكذب يظهر له أنه كذب ، وحينئذ فإذا صدق هذا الكاذب في إخباره النبوة كان مصدقا للكاذب ، ولأن الصادق الذي يأتيه مخبرا له بالصدق ناصحا له لا بد أن يبين له ذلك فلا يصر على اعتقاد أن من يأتيه صادق ، وهو في نفس الأمر كاذب ، ولا يعلم أنه كاذب إلا من هو أفاك أثيم ، والله تعالى يقول :
هل أنبئكم على من تنزل الشياطين ( 221 ) تنزل على كل أفاك أثيم
فتنزلها على الأفاك الأثيم ، وأما نزول الشيطان مرة أو مرتين فقد يكون على من ليس بأفاك أثيم ، فإن من لم يكن مدعيا للنبوة لم يكن من هذا الباب ، وإن كان مدعيا للنبوة ، فيمتنع أن يقره الصادق الذي يأتيه على ذلك ، بل لا بد أن يبين له هذا إن جوز ذلك .
فإن الناس تنازعوا : هل يجوز أن يلقي الشيطان على لسان النبي [ ص: 302 ] ما ينسخه الله ويمحوه ، أم لا يجوز ذلك ؟ وعلى كل حال يمتنع أن يقر على خطأ .
والمقصود هنا ذكر بعض أدعية النبي صلى الله عليه وسلم التي شوهد إجابتها ، وقد تقدم ذكر مثل دعائه على الملأ من بعض أدعيته قريش فقتلوا يوم بدر ، وألقوا في القليب ، ومثل دعائه على عتيبة بن أبي لهب ، ومثل دعائه على الذي كذب عليه بأن يجعله آية ، ومثل دعائه لما قل الزاد وجمعوه على نطع ، فكثره الله ببركة دعوته حتى كفى الجيش العظيم في غزوة تبوك ، ومثل دعائه في غزوة الخندق فكفى الطعام ، وهو صاع من شعير لألف نفر ، وكذلك دعاؤه لما نزحت بئر الحديبية فكثر ماؤها حتى كفى الركب ، وهم ألف وخمسمائة وركابهم .
وقد تقدم دعاؤه للذي ذهب بصره فأبصر ، ودعاؤه في الاستسقاء فما رد يديه إلا والسماء قد أمطرت ، ودعاؤه في الاستصحاء ، وإشارته إلى السحاب فتقطع من ساعته ، ودعوته على سراقة بن جعشم لما تبعهم في الهجرة فغاصت فرسه في الأرض ، ودعاؤه يوم بدر ، ويوم حنين ، وقال الله له يوم بدر
إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين [ ص: 303 ] وأمثال ذلك ، وفي الصحيحين عن قال : جابر
قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أعوذ بوجهك "
أو من تحت أرجلكم
قال : " أعوذ بوجهك "
أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض
قال : " هاتان أهون أو أيسر " . لما نزل :
وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم قال : . " سألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ، ومنعني واحدة ، سألته أن لا يهلك أمتي بسنة عامة ، فأعطانيها ، وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فيجتاحهم ، فأعطانيها ، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم ، فمنعنيها ، فلن [ ص: 304 ] يزال الهرج إلى يوم القيامة "
وفي صحيح من مسلم قال : جعل عمي يرتجز ويقول : سلمة بن الأكوع
تالله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
[ ص: 305 ]،
ونحن من فضلك ما استغنينا فثبت الأقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من هذا ؟ " قالوا : عامر قال : " غفر لك ربك " . قال : وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان يخصه إلا استشهد . قال : فنادى وهو على جمل له : يا نبي الله لولا متعتنا عمر بن الخطاب ، بعامر . قال : فلما قدمنا خيبر خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه ويقول :
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
قال : وبرز له عمي عامر فقال :
قد علمت خيبر أني عامر شاكي السلاح بطل مغامر
وفي الصحيحين عن قال : أنس بن مالك : يا رسول الله خادمك أم سليم ادع الله له . فقال : " اللهم أكثر ماله وولده ، وبارك له فيما أعطيته " أنس قالت
وروى قال : البخاري فأتته بتمر وسمن فقال : " أعيدوا سمنكم في سقائه ، وتمركم في وعائه " ثم قام إلى ناحية البيت فصلى غير مكتوبة ، فدعا أم سليم وأهل بيتها . فقالت لأم سليم : يا رسول الله ، إن [ ص: 307 ] لي خويصة . فقال : " ما هي ؟ " قالت : خادمك أم سليم قال : فما ترك آخرة ولا دنيا إلا دعا به " اللهم ارزقه مالا وولدا ، وبارك له فيه " فإني أكثر أنس الأنصار مالا ، وحدثتني ابنتي أمينة أنه دفن لصلبي إلى مقدم الحجاج البصرة بضع وعشرون ومائة . وفي رواية دخل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على : لمسلم . دعا لي بثلاث دعوات قد رأيت منها اثنتين ، وأنا أرجو الثالثة في الآخرة
وفي وحسنه عن الترمذي ، أبي خلدة قال : قلت : لأبي العالية من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : خدمه عشر سنين ، ودعا له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، وكان له بستان يحمل في السنة الفاكهة مرتين ، وكان [ ص: 308 ] فيها ريحان يجيء منه ريح المسك أنس . سمع
وفي صحيح مسلم قال : كنت أدعو أمي إلى الإسلام ، وهي مشركة فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا أبكي ، فقلت : يا رسول الله ، إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام وتأبى علي ، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره ، فادع الله أن يهدي أبي هريرة أم أبي هريرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم اهد أم أبي هريرة " فخرجت مستبشرا بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف ، فسمعت أمي خشف قدمي فقالت : مكانك يا وسمعت خضخضة الماء فاغتسلت ، ولبست درعها ، وعجلت عن خمارها ففتحت الباب فقالت : يا أبا هريرة ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن أبا هريرة محمدا رسول الله . فأتيته وأنا أبكي من الفرح فقلت : يا رسول الله أبشر فقد [ ص: 309 ] استجاب الله دعوتك ، وهدى أم أبي هريرة فحمد الله وقال خيرا ، فقلت : يا رسول الله ، ادع الله أن يحببني وأمي إلى عباده المؤمنين ، ويحببهم إلينا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فما خلق الله مؤمنا يسمع بي ولا يراني إلا أحبني " اللهم حبب عبدك هذا ، يعني أبا هريرة ، وأمه إلى عبادك المؤمنين ، وحبب إليهما المؤمنين " . عن
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على أنس أثر صفرة فقال : " ما هذا ؟ " قال : يا رسول الله إني تزوجت امرأة . قال : " كم سقت إليها ؟ " قال : وزن نواة من ذهب . قال : " فبارك الله لك ، أولم ولو بشاة " عبد الرحمن بن عوف عن
وفي الصحيحين سعد بن الربيع الأنصاري فعرض عليه سعد أن يناصفه أهله وماله ، فقال له عبد الرحمن : بارك الله لك في أهلك [ ص: 310 ] ومالك . دلني على السوق فظهرت بركة دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبلغ من مال أنه لما قدم آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبد الرحمن ما قاله أنه تصدق بأربعمائة ألف دينار ، وحمل على خمسمائة فرس في سبيل الله ، وخمسمائة بعير في سبيل الله . قال : وكان عامة ماله من التجارة . وقال الزهري : اقتسم نساء محمد بن سيرين ثمنهن فكان ثلاثمائة وعشرين ألفا . عبد الرحمن بن عوف
وقال : أوصى الزهري عبد الرحمن لمن شهد بدرا ، فوجدوا مائة ، لكل رجل منهم أربعمائة دينار .
وقال : [ ص: 311 ] حدثتني عبد الله بن جعفر أم بكر بنت المسور أن عبد الرحمن باع أرضا بأربعين ألف دينار فقسمها في فقراء بني زهرة وفي المهاجرين وأمهات المؤمنين .
وقال محمد بن عمرو : عن أبي سلمة أن عبد الرحمن أوصى لأمهات المؤمنين بحديقة فقومت مائة ألف . وفي [ ص: 312 ] وصححه ، ورواه الترمذي في صحيحه عن ابن حبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ابن عمر أو بعمر بن الخطاب بأبي جهل بن هشام " فكان أحبهما إلى الله فأسلم عمر بن الخطاب عمر ، وروي أن الدعوة كانت في يوم الأربعاء فأسلم يوم الخميس ، وأعز الله به الإسلام قال : " اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك : ما زلنا أعزة منذ أسلم عبد الله بن مسعود رواه عمر وظهر من عز الإسلام في إمارته شرقا وغربا ، وفتح البخاري . الشام والعراق ، ومصر ، وكسر عساكر كسرى وقيصر ما تحقق به إجابة الدعوة .
وفي الصحيحين وضع للنبي صلى الله عليه وسلم لما أتى الخلاء وضوءا فقال لما خرج : " من وضع هذا ؟ " فقيل : ابن عباس فقال : " اللهم فقهه في الدين ، وعلمه التأويل " ابن عباس [ ص: 313 ] وفي رواية قال : أن وفي رواية ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صدره ، وقال : " اللهم علمه الكتاب " ، " وظهرت إجابة دعوته حتى كان يسمى : البحر . " الحكمة
وقال فيه : لو أدرك ابن مسعود أسناننا لما عشره منا أحد . وكان ابن عباس يقدمه ويدخله مع كبراء الصحابة ، وعلم عمر مشهور في الأمة . ابن عباس
وفي الصحيحين قال : كنت أسير على جمل قد [ ص: 314 ] أعيا ، وأردت أن أسيبه . قال : فلحقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربه ودعا له فسار سيرا لم يسر مثله . وفي رواية : فقال لي : " ما لبعيرك ؟ " فقلت : عليل . قال : فتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فزجره فدعا له ، فما زال يسير بين يدي الإبل قدامها ، فقال : " كيف ترى بعيرك ؟ " قلت : بخير ، قد أصابته بركتك . قال : " فتبعنيه . . . . " جابر وذكر الحديث . عن
وفي وغيره : قال النبي صلى الله عليه وسلم : الترمذي لسعد إذا دعاك " وفي لفظ : " اللهم استجب فكان " اللهم أجب دعوته ، [ ص: 315 ] وسدد رميته " سعد لا يرمي إلا يصيب ، ولا يدعو إلا أجيب .
وروى في صحيحه الحاكم رضي الله عنه قال : مرضت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا أقول : اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني ، وإن كان متأخرا فارفعني ، وإن كان بلاء فصبرني . فقال : " اللهم اشفه ، اللهم عافه " ثم قال لي : " قم " فقمت ، فما عاد إلي ذلك الوجع بعد علي . عن
وفي الصحيحين عن أم خالد قالت : بأم خالد " فأتي بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فألبسنيها فقال : " أبلي وأخلقي " مرتين فجعل ينظر إلى علم الخميصة ويشير بيده إلي ويقول : " يا أم خالد هذا سنا " والسنا بلسان الحبشة الحسن ، فبقيت حتى دكن ، أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة فقال : [ ص: 316 ] " من ترون نكسوه هذه الخميصة ؟ " فسكت القوم فقال : " ائتوني أبي يزيد عمرو بن أخطب الأنصاري قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ادن مني " فمسح بيده على رأسي ولحيتي ثم قال : " اللهم جمله ، وأدم جماله " [ ص: 317 ] قال الراوي عنه : فبلغ بضعا وثمانين سنة ، وما في لحيته بياض إلا نزر يسير ، ولقد كان منبسط الوجه ، ولم يتقبض وجهه حتى مات رواه وعن وقال الإمام أحمد ، : إسناده صحيح ، ورواه البيهقي وقال : الترمذي ، . قال : مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجهي فدعا لي عزرة : إنه عاش مائة وعشرين سنة ، وليس في رأسه إلا شعرات بيض. وقال : حديث حسن .
وقال في تاريخه : ثنا البخاري يعقوب بن إسحاق حنظلة بن حنيفة بن حذيم قال حذيم : يا رسول الله إني رجل ذو [ ص: 318 ] سن ، وهذا أصغر بني ، فسمت عليه . قال : " تعال يا غلام " فأخذ بيدي ، ومسح برأسي ، وقال : " بارك الله فيك " أو " بورك فيك " فرأيت حنظلة يؤتى بالإنسان الوارم فيمسح بيده ، ويقول : بسم الله ، فيذهب الورم ، وفي رواية : والشاة ، والبعير . عن
ويذكر عن أبي سفيان ، واسمه مدلوك أنه ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم ، ومسح رأسه بيده ، ودعا له بالبركة . فكان مقدم رأسه موضع يد النبي صلى الله عليه وسلم ، أسود ، وسائره أبيض ذكره أيضا في تاريخه البخاري
[ ص: 319 ] وروى في مسنده بإسناده عن أحمد أبي العلا قال : قتادة بن ملحان في مرضه الذي مات فيه فمر رجل في مؤخر الدار فرأيته في وجه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح وجهه . قال : وكنت قبل ما رأيته إلا ورأيته كأن على وجهه الدهان قتادة . كنت عند
وفي مسند الإمام أحمد عروة بن أبي الجعد قال : عرض للنبي صلى الله عليه وسلم جلب فأعطاني دينارا ، وقال : " أي عروة ائت الجلب فاشتر شاة " فأتيت الجلب فساومت صاحبه فاشتريت منه شاتين بدينار ، فجئت أسوقهما فلقيني رجل فساومني فأبيعه شاة بدينار ، فجئت بالدينار وجئت بالشاة فقلت : [ ص: 320 ] يا رسول الله هذا ديناركم ، وهذه شاتكم . قال : " وصنعت كيف ؟ " فحدثته الحديث فقال : " اللهم بارك له في صفقة يمينه " فلقد رأيتني أقف بكناسة الكوفة فأربح أربعين ألفا قبل أن أصل إلى أهلي . ورواه عن وفي لفظ : الإمام أحمد ، . رواه فكان لو اشترى التراب لربح فيه عن أهل داره عنه . البخاري
[ ص: 321 ] وفي صحيح عن مسلم سلمة بن الأكوع . أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال له : " كل بيمينك " قال : لا أستطيع . قال : " لا استطعت " ما منعه إلا الكبر . قال : فما رفعها إلى فيه
وروى في موطئه عن مالك زيد بن أسلم قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة جابر بن عبد الله السلمي بني أنمار قال : فبينما أنا نازل تحت شجرة إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : هلم يا رسول الله إلى الظل . قال : فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال جابر : فقمت إلى غرارة لنا فالتمست فيها فوجدت فيها جرو قثا ، [ ص: 322 ] فكسرته ثم قربته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " من أين لكم هذا ؟ " قلنا : خرجنا به من جابر المدينة قال : وعندنا صاحب لنا نجهزه يذهب يرعى ظهرنا . قال : فجهزته ثم أدبر يذهب إلى الظهر ، وعليه ثوبان له قد خلقا ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أما له ثوبان غير هذين ؟ " فقلت : بلى يا رسول الله ، ثوبان في العيبة كسوته إياهما . قال : " ادعه فليلبسهما " ثم ولى يذهب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما له ضرب الله عنقه ، أليس هذا خيرا له " فسمعه الرجل فقال : يا رسول الله ، في سبيل الله ؟ فقال : " في سبيل الله " فقتل الرجل في سبيل الله . ورواه عن أبو زرعة عن سعيد بن سليمان عن عن الليث هشام بن سعيد . [ ص: 323 ] عن عن زيد بن أسلم عن عطاء . جابر