[ ص: 95 ] وأما ما نقلوه عن الأنبياء مما يدل على كفر اليهود ، فهذا لا ننازعهم فيه ، ولا حاجة بنا إلى الاستدلال بما نقلوه ، وإن كان فيما يثبت عن الأنبياء ما يبين كفرهم لما بدلوا دين موسى - عليه السلام - كما كفر النصارى لما بدلوا دين المسيح ، فهذا حق موافق لما أخبر به خاتم الرسل - صلى الله عليه وسلم - فإنا قد علمنا كفرهم من جهة لا نشك في صدقها .
وما أخبرونا به عن الأنبياء إن علمنا صدقهم فيه ، صدقناهم فيه وإن علمنا كذبهم فيه كذبناهم فيه ، وإن لم نعلم صدقه ولا كذبه لم نصدقه ولم نكذبه ، بل نقول :
آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون .
فإن الإيمان بجميع ما أوتي النبيون حق واجب ، : لكن وجوب التصديق في النبي المعين الذي لم نعلمه من غيرهم يقف على مقدمتين
1 - أن يكون اللفظ قد قاله النبي
[ ص: 96 ] 2 - وأن يكون المعنى الذي فسروه به مرادا للنبي الذي تكلم بذلك القول ، فلابد من ثبوت الإسناد ودلالة المتن .
وهاتان المقدمتان ، لابد منهما في جميع المنقول عن الأنبياء .
وقد يحتاج إلى مقدمة ثالثة في حق من لم يعرف اللغة العبرية ، فإن موسى وداود والمسيح وغيرهم إنما تكلموا باللغة العبرية ، فمن لم يعرف بها ، وإنما يعرف بالعربية أو الرومية ، لابد أن يعرف أن المترجم من تلك اللغة إلى هذه قد ترجم ترجمة مطابقة .