روى ، عن ابن أبي شيبة - رضي الله عنهما - قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال ابن عمر أبو بكر رضي الله عنه : أيها الناس ، إن كان محمد إلهكم الذي تعبدونه ، فإن إلهكم قد مات ، وإن كان إلهكم الله الذي في السماء ، فإن إلهكم لم يمت ، ثم تلا : ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) ، حتى ختم الآية .
في تاريخه ، عنه رضي الله ، قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دخل وللبخاري أبو بكر - رضي الله عنه - عليه ، فأكب عليه وقبل جبهته ، وقال : بأبي أنت وأمي ، طبت حيا وميتا ، وقال : من كان يعبد محمدا ، فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله ، فإن الله في السماء حي لا يموت .
، عن ولابن أبي شيبة ، قال : لما قدم قيس بن أبي حازم عمر - رضي الله عنه - الشام ، استقبله الناس وهو على بعيره ، فقالوا : لو ركبت برذونا ، يلقاك عظماء الناس ووجوههم . فقال عمر رضي الله عنه : ألا أراكم هاهنا ، إنما الأمر من هاهنا ، فأشار بيده إلى السماء . قال الذهبي : إسناده كالشمس .
وروى ، عن الزهري سالم أن كعبا قال لعمر : ويل لسلطان الأرض من سلطان السماء ، فقال عمر : إلا من حاسب نفسه ؟ فقال كعب : إلا من حاسب نفسه ، فكبر عمر ، ثم خر ساجدا .
وعن [ ص: 176 ] ، قال : سمعت عبد الرحمن بن غنم يقول : ويل لديان الأرض من ديان السماء يوم يلقونه ، إلا من أمر بالعدل ، فقضى بالحق ، ولم يقض على هوى ولا على قرابة ، ولا على رغبة ولا رهب ، وجعل كتاب الله مرآة بين عينيه . قال عمر بن الخطاب ابن غنم : فحدثت بهذا عثمان ، ومعاوية ، ويزيد ، وعبد الملك .
رواه أبو نعيم . وعن أبي يزيد المدني ، قال : لقيت عمر امرأة ، يقال لها خولة بنت ثعلبة ، فقال عمر : هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات . قال الذهبي : هذا إسناد صالح فيه انقطاع ، أبو يزيد لم يلحق عمر رضي الله عنه . وفي لفظ : عن عمر - رضي الله عنه - أنه مر بعجوز ، فاستوقفته فوقف يحدثها ، فقال رجل : يا أمير المؤمنين ، حبست الناس على هذه العجوز . فقال ، : ويلك ، أتدري من هي ؟ هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات ، هذه خولة التي أنزل الله فيها : ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ) . وهذا الحديث رواه ، وقال عثمان بن سعيد الدارمي : حدثنا من وجوه عن ابن عبد البر عمر - رضي الله عنه - فذكره . ومن شعر رضي الله عنه : عبد الله بن رواحة
شهدت بأن وعد الله حق وأن النار مثوى الكافرينا وأن العرش فوق الماء طاف
وفوق العرش رب العالمينا وتحمله ملائكة كرام
ملائكة الإله مسومينا
[ ص: 177 ] قال في الاستيعاب : رويناه من وجوه صحاح . وروى ابن عبد البر الدارمي ، عن - رضي الله عنه - قال : ما بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام ، وبين كل سماء مسيرة خمسمائة عام ، وبين السماء السابعة وبين الكرسي خمسمائة عام ، وبين الكرسي إلى الماء مسيرة خمسمائة عام ، والعرش على الماء ، والله - تعالى - فوق العرش ، وهو يعلم ما أنتم عليه . ابن مسعود
وروى ، عن الأعمش خيثمة ، عنه : إن العبد ليهم بالأمر من التجارة أو الإمارة ، حتى إذا تيسر له نظر الله إليه من فوق سبع سماوات ، فيقول للملائكة : اصرفوه عنه ، فإنه إن يسرته له ، أدخلته النار . أخرجه اللالكائي بإسناد قوي ، وعنه - رضي الله عنه - قال : إن الله - تعالى - يبرز لأهل جنته في كل جمعة في كثيب من كافور أبيض ، فيحدث لهم من الكرامة ما لم يروا مثله ، ويكونون من الدنو منه كمسارعتهم إلى الجمع . أخرجه في الإبانة الكبرى بإسناد جيد . ابن بطة
وعن - رضي الله عنه - قال : البحر المسجور يجري تحت العرش . وتقدم حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وفيه : وينزل الله - تعالى - في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي . وعن أبي هريرة - رضي الله عنها - في قوله تعالى : ( أم سلمة الرحمن على العرش استوى ) قالت : الكيف غير معقول ، والاستواء غير مجهول ، والإقرار به إيمان ، والجحود به كفر .
قال الذهبي : هذا القول محفوظ عن جماعة ، كربيعة الرأي ، ومالك الإمام ، فأما عن وأبي جعفر الترمذي فلا يصح ; لأن أم سلمة أبا كنانة ليس بثقة ، وأبو عمير لا أعرفه .
وعن - رضي الله عنهما - قال : قالت الملائكة : يا ربنا ، منا الملائكة المقربون ، ومنا حملة العرش ، ومنا [ ص: 178 ] الكرام الكاتبون . وذكر الحديث ، قال عبد الله بن عمرو الذهبي : إسناده صالح .
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : وايم الله ، إني لأخشى لو كنت أحب قتله لقتلته - يعني : عثمان رضي الله عنه ، ولكن علم الله من فوق عرشه أني لم أحب قتله . رواه الدارمي . وعن أن أسماء بنت عميس جعفرا - رضي الله عنه - جاءها إذ هم بالحبشة يبكي ، فقالت : ما شأنك ؟ قال : رأيت فتى مترفا من الحبشة شابا جسيما ، مر على امرأة ، فطرح دقيقا كان معها ، فنسفته الريح ، فقالت : أكلك إلى يوم يجلس الملك على الكرسي ، فيأخذ للمظلوم من الظالم . رواه وغيره . ابن ماجه
وعن - رضي الله عنه - قال : لما لعن الله إبليس وأخرجه من سماواته وأخزاه ، قال : رب ، أخزيتني ولعنتني وطردتني عن سماواتك وجوارك ، فوعزتك لأغوين خلقك ما دامت الأرواح في أجسادهم ، فأجابه الرب - تبارك وتعالى - فقال : وعزتي وجلالي وارتفاعي على عرشي ، لو أن عبدي أذنب حتى ملأ السماوات والأرض خطايا ، ثم لم يبق من عمره إلا نفس واحد فندم على ذنوبه ، لغفرتها ، وبدلت سيئاته كلها حسنات . وقد روي عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - أبي سعيد الخدري . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الشيطان قال : وعزتك ، لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، فقال الرب : وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني ، لا أزال أغفر ما استغفروني
وعن - رضي الله عنهما - قال : إن الكرسي الذي وسع السماوات والأرض لموضع قدميه ، وما يقدر قدر العرش إلا الذي خلقه ، وإن السماوات في خلق الرحمن - عز وجل - مثل قبة في [ ص: 179 ] صحراء . رواه ابن عباس عبد الله بن أحمد في كتاب السنة .
وللدارمي عنه - رضي الله عنه - أنه استأذن على عائشة - رضي الله عنها - وهي تموت ، فقال : كنت أحب نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه ، ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب إلا طيبا ، وأنزل الله - تعالى - براءتك من فوق سبع سماوات ، جاء بها الروح الأمين ، فأصبح ليس مسجدا من مساجد الله - تعالى - يذكر فيها إلا وهو يتلى فيها آناء الليل وآناء النهار .
وذكر في شرح السنة ، عن الطبراني مجاهد قال : قيل : إن ناسا يكذبون بالقدر ، قال : يكذبون بالكتاب ، لئن أخذت شعر أحد لا ينبتونه ، إن الله - تعالى - كان على عرشه قبل أن يخلق شيئا ، فخلق الخلق ، وكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ، فإنما يجري الناس على أمر قد فرغ منه . لابن عباس
، عن ولإسحاق بن راهويه عكرمة في قوله تعالى : ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ) ، قال رضي الله عنهما : لم يستطع أن يقول من فوقهم ، علم أن الله - تعالى - من فوقهم . ابن عباس ، وليحيى بن سعيد الأموي عن عدي بن عميرة - رضي الله عنه - قال : خرجت مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر قصة طويلة ، وقال فيها : فإذا هو ومن معه يسجدون على وجوههم ، ويزعمون أن إلههم في السماء ، فأسلمت وتبعته . وأقوال الصحابة في هذا الباب وتفاسيرهم أكثر من أن تحضر ، وفيما ذكرنا كفاية .