[ ص: 180 ] الفصل الثالث عشر : الجود ، والكرم
وأما الجود ، والكرم ، والسخاء ، والسماحة فمعانيها متقاربة . وقد فرق بعضهم بينها بفروق ، فجعلوا الكرم الإنفاق بطيب النفس فيما يعظم خطره ، ونفعه ، وسموه أيضا جرأة ، وهو ضد النذالة .
والسماحة : التجافي عما يستحقه المرء عند غيره بطيب نفس ، وهو ضد الشكاسة .
والسخاء : سهولة الإنفاق ، وتجنب اكتساب ما لا يحمد ، وهو الجود ، وهو ضد التقتير . وكان - صلى الله عليه وسلم - لا يوازى في هذه الأخلاق الكريمة ، ولا يبارى ، بهذا وصفه كل من عرفه .
[ حدثنا القاضي الشهيد أبو علي الصدفي - رحمه الله - ، حدثنا ، حدثنا القاضي أبو الوليد الباجي ، حدثنا أبو ذر الهروي ، أبو الهيثم الكشميهني وأبو محمد السرخسي ، وأبو إسحاق البلخي ، قالوا : حدثنا ، حدثنا أبو عبد الله الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا محمد بن كثير سفيان ] ، عن ، سمعت ابن المنكدر يقول : جابر بن عبد الله ما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيء فقال : لا . وعن أنس ، مثله . وسهل بن سعد
وقال : ابن عباس ، وأجود ما كان في شهر رمضان وكان إذا لقيه كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس بالخير جبريل - عليه السلام - أجود بالخير من الريح المرسلة .
وعن أنس محمدا يعطي عطاء من لا يخشى فاقة . وأعطى غير واحد مائة من الإبل ، وأعطى فإن صفوان مائة ثم مائة ثم مائة ، وهذه كانت خلقه - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يبعث . أن رجلا سأله فأعطاه غنما بين جبلين ، فرجع إلى بلده ، وقال : أسلموا ،
وقد قال له ورقة بن نوفل : إنك تحمل الكل ، وتكسب المعدوم .
ورد على هوازن سباياها ، وكانوا ستة آلاف . وأعطى العباس من الذهب ما لم يطق حمله .
وحمل إليه تسعون ألف درهم ، فوضعت على حصير ، ثم قام إليها يقسمها ، فما رد سائلا حتى فرغ منها .
وجاءه رجل ، فسأله فقال : ما عندي شيء ، ولكن ابتع علي ، [ ص: 181 ] فإذا جاءنا شيء قضيناه . . . فقال له عمر : ما كلفك الله ما لا تقدر عليه ، فكره النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله ، أنفق ، ولا تخش من ذي العرش إقلالا ، فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - وعرف البشر في وجهه ، وقال : بهذا أمرت ذكره الترمذي .
وذكر عن ، قال : معوذ بن عفراء . أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بقناع من رطب - يريد طبقا - وأجر زغب - يريد قثاء - فأعطاني ملء كفه حليا ، وذهبا
وقال أنس : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدخر شيئا لغد .
والخبر بجوده - صلى الله عليه وسلم - يسأله ، فاستلف له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصف وسق ، فجاء الرجل يتقاضاه ، فأعطاه وسقا ، وقال : نصفه قضاء ، ونصفه نائل .