الفصل الرابع عشر : ومما يشبه هذا من معجزاته تفجير الماء ببركته ، وابتعاثه بمسه ، ودعوته
فيما روى مالك في الموطإ عن في قصة غزوة معاذ بن جبل تبوك ، وأنهم وردوا العين ، وهي تبض بشيء من ماء مثل الشراك ، فغرفوا من العين بأيديهم حتى اجتمع في شيء ، ثم غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه وجهه ، ويديه ، وأعاده فيها ، فجرت بماء كثير ، فاستقى الناس .
قال في حديث : فانخرق من الماء ما له حس كحس الصواعق . ابن إسحاق
ثم قال : . يوشك يا معاذ ، إن طالت بك حياة أن ترى ما ههنا قد ملئ جنانا
وفي حديث البراء ، ، وحديثه أتم في قصة ومسلمة بن الأكوع الحديبية ، وهم أربع عشرة مائة ، وبئرها لا تروي خمسين شاة ، فنزحناها فلم نترك فيها قطرة ، فقعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جباها . قال البراء ، وأتي بدلو منها ، فبصق فدعا . وقال سلمة : فإما دعا ، وإما بصق فيها ، فجاشت ، فأرووا أنفسهم ، وركابهم .
وفي غير هذه الروايتين في هذه القصة من طريق [ في ابن شهاب الحديبية ] :
فأخرج [ ص: 297 ] سهما من كنانته ، فوضعه في قعر قليب ليس فيه ماء ؟ فروي الناس حتى ضربوا بعطن .
وعن أبي قتادة ، وذكر أن الناس شكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العطش في بعض أسفاره ، فدعا بالميضأة ، فجعلها في ضبنه ، ثم التقم فمها ، فالله أعلم نفث فيها أم لا ، فشرب الناس حتى رووا ، وملئوا كل إناء معهم ، فخيل إلي أنها كما أخذها مني ، وكانوا اثنين ، وسبعين رجلا .
وروى مثله . عمران بن حصين
وذكر حديث الطبري أبي قتادة على غير ما ذكره أهل الصحيح ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج بهم ممدا لأهل مؤتة عندما بلغه قتل الأمراء :
وذكر حديثا طويلا فيه معجزات ، وآيات للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفيه إعلامهم أنهم يفقدون الماء في غد .
وذكر حديث الميضأة ، قال : والقوم زهاء ثلاثمائة .
وفي كتاب مسلم أنه قال لأبي قتادة : وذكر نحوه . احفظ علي ميضأتك ، فإنه سيكون لها نبأ . .
ومن ذلك حديث حين أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عطش في بعض أسفارهم ، فوجه رجلين من أصحابه ، وأعلمهما أنهما يجدان امرأة بمكان كذا معها بعير عليه مزادتان . . . الحديث ، فوجداها ، وأتيا بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فجعل في إناء من مزادتيها ، وقال فيه ما شاء الله أن يقول ، ثم أعاد الماء في المزادتين ، ثم فتحت عزاليهما ، وأمر الناس فملئوا أسقيتهم حتى لم يدعوا شيئا إلا ملئوه . عمران بن حصين
قال عمران : وتخيل إلي أنهما لم تزدادا إلا امتلاء ، ثم أمر فجمع للمرأة من الأزواد حتى ملأ ثوبها . وقال : الحديث بطوله . اذهبي ، فإنا لم نأخذ من مائك شيئا ، ولكن الله سقانا . . .
وعن : قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : سلمة بن الأكوع . . هل من وضوء ؟ فجاء رجل بإداوة فيها نطفة فأفرغها في قدح ، فتوضأنا كلنا ندغفقه دغفقة أربع عشرة مائة
وفي حديث عمر في جيش العسرة : وذكر ما أصابهم من العطش ، حتى إن الرجل لينحر بعيره ، فيعصر فرثه فيشربه ، فرغب أبو بكر رضي الله عنه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدعاء ، فرفع يديه فلم يرجعهما حتى قالت السماء فانسكبت ، فملئوا ما معهم من آنية ، ولم تجاوز العسكر .
وعن أن عمرو بن شعيب أبا [ ص: 298 ] طالب قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو رديفه بذي المجاز : عطشت ، وليس عندي ماء ، فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وضرب بقدمه الأرض ، فخرج الماء ، فقال : اشرب .
والحديث في هذا الباب كثير ، ومنه الإجابة بدعاء الاستسقاء ، وما جانسه .