فصل
قال : الدرجة الثانية : . فلا يرى عملا منجيا ، ولا ذنبا مهلكا ، ولا سببا حاملا . معاينة الاضطرار
أي يعاين فقره وفاقته وضرورته التامة إلى الله ، بحيث إنه يرى في كل ذرة من ذراته الباطنة والظاهرة ضرورة ، وفاقة تامة إلى الله . فنجاته إنما هي بالله لا بعمله . وأما قوله : ولا ذنبا مهلكا ، فإن أراد به : أن هلاكه بالله لا بسبب ذنوبه : فباطل ، معاذ الله من ذلك . وإن أراد به : أن فضل الله وسعته ومغفرته ورحمته ، ومشاهدة شدة ضرورته وفاقته إليه يوجب له أن لا يرى ذنبا مهلكا ، فإن افتقاره وفاقته وضرورته تمنعه من الهلاك بذنوبه ، بل تمنعه من اقتحام الذنوب المهلكة ؛ إذ صاحب هذا المقام لا يصر على ذنوب تهلكه . وهذا حاله - فهذا حق . وهو من مشاهد أهل المعرفة .
وقوله : ولا سببا حاملا . أي : يشهد أن الحامل له هو الحق تعالى ، لا الأسباب التي يقوم بها . فإنه وإياها محمولان بالله وحده .