الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

قال : الدرجة الثانية : معاينة الاضطرار . فلا يرى عملا منجيا ، ولا ذنبا مهلكا ، ولا سببا حاملا .

أي يعاين فقره وفاقته وضرورته التامة إلى الله ، بحيث إنه يرى في كل ذرة من ذراته الباطنة والظاهرة ضرورة ، وفاقة تامة إلى الله . فنجاته إنما هي بالله لا بعمله . وأما قوله : ولا ذنبا مهلكا ، فإن أراد به : أن هلاكه بالله لا بسبب ذنوبه : فباطل ، معاذ الله من ذلك . وإن أراد به : أن فضل الله وسعته ومغفرته ورحمته ، ومشاهدة شدة ضرورته وفاقته إليه يوجب له أن لا يرى ذنبا مهلكا ، فإن افتقاره وفاقته وضرورته تمنعه من الهلاك بذنوبه ، بل تمنعه من اقتحام الذنوب المهلكة ؛ إذ صاحب هذا المقام لا يصر على ذنوب تهلكه . وهذا حاله - فهذا حق . وهو من مشاهد أهل المعرفة .

وقوله : ولا سببا حاملا . أي : يشهد أن الحامل له هو الحق تعالى ، لا الأسباب التي يقوم بها . فإنه وإياها محمولان بالله وحده .

التالي السابق


الخدمات العلمية