فصل ، ومعارضتها بعضها ببعض ، وإلا هلك ، فيرد القدر بالقدر ، وهذا سير أرباب العزائم من العارفين ، وهو معنى قول الشيخ العارف القدوة وراكب هذا البحر في سفينة الأمر ، وظيفته مصادمة أمواج القدر عبد القادر الكيلاني : الناس إذا وصلوا إلى القضاء والقدر أمسكوا ، إلا أنا ، فانفتحت لي فيه روزنة فنازعت أقدار الحق بالحق للحق ، والرجل من يكون منازعا للقدر ، لا من يكون مستسلما مع القدر ، ولا تتم مصالح العباد في معاشهم إلا بدفع الأقدار بعضها ببعض فكيف في معادهم ؟
والله تعالى أمر أن تدفع السيئة - وهي من قدره - بالحسنة - وهي من قدره - وكذلك الجوع من قدره ، وأمر بدفعه بالأكل الذي هو من قدره ، ولو استسلم العبد لقدر الجوع ، مع قدرته على دفعه بقدر الأكل ، حتى مات : مات عاصيا ، وكذلك البرد والحر والعطش ، كلها من أقداره ، وأمر بدفعها بأقدار تضادها ، والدافع والمدفوع والدفع من قدره .
وقد أفصح النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا المعنى كل الإفصاح ، إذ قالوا : . يا رسول الله ، أرأيت أدوية نتداوى بها ، ورقى نسترقي بها ، وتقى نتقي بها ، هل ترد من قدر الله شيئا ؟ [ ص: 218 ] قال : هي من قدر الله
وفي الحديث الآخر الدعاء والبلاء ليعتلجان بين السماء والأرض . إن
وإذا طرق العدو من الكفار بلد الإسلام طرقوه بقدر الله ، أفيحل للمسلمين الاستسلام للقدر ، وترك دفعه بقدر مثله ، وهو الجهاد الذي يدفعون به قدر الله بقدره ؟
وكذلك المعصية إذا قدرت عليك ، وفعلتها بالقدر ، فادفع موجبها بالتوبة النصوح ، وهي من القدر .