الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ويجوز إيجاب الهدي مطلقا ومعلقا بشرط بأن يقول إن فعلت كذا فلله علي هدي .

                                                                                                                                ولو قال هذه الشاة هدي إلى بيت الله أو إلى الكعبة أو إلى مكة أو إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام أو إلى الصفا والمروة ، فالجواب فيه كالجواب في قوله : علي المشي إلى بيت الله تعالى أو إلى كذا وكذا على الاتفاق والاختلاف .

                                                                                                                                ولو أوجب على نفسه أن يهدي مالا بعينه من الثياب وغيرها مما سوى النعم جاز ، وعليه أن يتصدق به أو بقيمته ، والأفضل أن يتصدق على فقراء مكة .

                                                                                                                                ولو تصدق بالكوفة جاز .

                                                                                                                                وأما في النعم من الإبل والبقر والغنم فلا يجوز ذبحه إلا في الحرم فيذبح في الحرم ويتصدق بلحمه على فقراء مكة وهو الأفضل .

                                                                                                                                ولو تصدق على غير فقراء مكة جاز كذا ذكر في الأصل ، وإنما كان كذلك ; لأن معنى القربة في الثياب في عينها وهو التصدق بها ، والصدقة لا تختص بمكان كسائر الصدقات .

                                                                                                                                فأما معنى القربة في الهدي من النعم في الإراقة شرعا ، والإراقة لم تعرف قربة في الشرع إلا في مكان مخصوص أو زمان مخصوص ، والشرع أوجب الإراقة ههنا في الحرم بقوله تعالى { هديا بالغ الكعبة } حتى إذا ذبح الهدي جاز له أن يتصدق بلحمه على فقراء غير أهل مكة ; لأنه لما صار لحما صار معنى القربة فيه في الصدقة كسائر الأموال .

                                                                                                                                ولو جعل شاة هديا أجزأه أن يهدي قيمتها في رواية أبي سليمان ، وفي رواية أبي حفص لا يجوز .

                                                                                                                                ( وجه ) رواية أبي سليمان اعتبار البدنة [ ص: 225 ] بالأمر ، ثم فيما أمر الله تعالى من إخراج الزكاة من الغنم يجوز إخراج القيمة فيه كذا في النذور ( وجه ) رواية أبي حفص أن القربة تعلقت بشيئين : إراقة الدم والتصدق باللحم ولا يوجد في القيمة إلا أحدهما - وهو التصدق - ويجوز ذبح الهدايا في أي موضع شاء من الحرم ولا يختص بمنى ، ومن الناس من قال لا يجوز إلا بمنى ، والصحيح قولنا لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { منى كلها منحر وفجاج مكة كلها منحر } وعن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال : ( الحرم كله منحر ) وقد ذكرنا أن المراد من قوله عز وجل { ثم محلها إلى البيت العتيق } الحرم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية