الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                حلف لا يأكل من كسب فلان فالكسب ما صار للإنسان أن يفعله كالإيجاب والقبول في البيع والإجارة والقبول في الهبة والصدقة والوصية والأخذ في المباحات .

                                                                                                                                فأما الميراث فلا يكون كسبا للوارث لأنه يملكه من غير صنعه ولو مات المحلوف عليه وقد كسب شيئا فورثه رجل فأكل الحالف منه حنث لأن ما في يد الوارث يسمى كسب الميت بمعنى مكسوبه عرفا فلو انتقل عنه إلى غيره بغير الميراث لم يحنث لأنه صار للثاني بفعله فبطلت الإضافة إلى الأول .

                                                                                                                                قال أبو يوسف وكذا لك إذا قال لا آكل مما ملكت أو مما يملك له أو من ملكك فإذا خرج من ملك المحلوف عليه إلى ملك غيره فأكل منه الحالف لم يحنث لأنه إذا ملكه الثاني لم يبق ملك الأول فلم يبق مضافا إليه بالملك قال وكذلك إذا حلف لا يأكل مما اشترى فلان أو مما يشتري فاشترى المحلوف لنفسه أو لغيره فأكل منه الحالف حنث فإن باعه المحلوف عليه من غيره بأمر المشترى له ثم أكل منه الحالف لم يحنث لأن الشراء إذا طرأ على الشراء بطلت الإضافة الأولى وتجددت إضافة أخرى لم تتناولها اليمين وإنما كان الشراء لغيره ولنفسه سواء لأن حقوق العقد تتعلق بالمشتري فكانت الإضافة إليه لا إلى المشترى له قال وكذلك لو حلف لا يأكل من ميراث فلان شيئا فمات فلان فأكل من ميراثه حنث فإن مات وارثه فأورث ذلك الميراث فأكل منه الحالف لم يحنث لنسخ الميراث الأخير الميراث الأول كذا ذكر لأن الميراث إذا طرأ على الميراث بطلت الإضافة الأولى ومن هذا القبيل ما قالوا .

                                                                                                                                فيمن حلف لا يأكل مما زرع فلان فباع فلان زرعه فأكله الحالف عند المشتري حنث لأن الإضافة إلى الأول لا تبطل بالبيع فإن بذره المشتري وزرعه فأكل الحالف من هذا الزرع فإنه لا يحنث لأن الإضافة بالزرع إنما تكون إلى الثاني دون الأول وعلى هذا لو حلف لا يأكل من طعام يصنعه فلان أو من خبز يخبزه فلان فتناسخته الباعة ثم أكل الحالف منه فإنه يحنث لأنه يقال هو من خبز فلان ومن طبيخه وإن باعه وكذلك لو حلف لا يلبس ثوبا من نسج فلان فنسج فلان ثوبا فباعه لأن البيع لا يبطل الإضافة ولو كان ثوب خز فنقض ونسجه آخر ثم لبسه الحالف لم يحنث لأن النسج الثاني أبطل الإضافة الأولى ولو حلف لا يشتري ثوبا مسه فلان فمس فلان ثوبا وتناسخته الباعة فإنه يحنث إذا اشتراه لأن الإضافة بالمس لا تبطل البيع فصار كأنه قال لا أشتري ثوبا كان فلان مسه .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية