[ ص: 168 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=7والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=8ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=9والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=10ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم
فيه ثلاثون مسألة :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ( أنفسهم ) بالرفع على البدل . ويجوز النصب على الاستثناء ، وعلى خبر يكن . ( فشهادة أحدهم أربع شهادات ) بالرفع قراءة
الكوفيين على الابتداء والخبر ؛ أي فشهادة أحدهم التي تزيل عنه حد القذف أربع شهادات . وقرأ
أهل المدينة ، وأبو عمرو ( أربع ) بالنصب ؛ لأن معنى فشهادة أن يشهد ؛ والتقدير : فعليهم أن يشهد أحدهم أربع شهادات ، أو فالأمر أن يشهد أحدهم أربع شهادات ؛ ولا خلاف في الثاني أنه منصوب بالشهادة . والخامسة رفع بالابتداء . والخبر ( أن ) وصلتها ؛ ومعنى المخففة كمعنى المثقلة لأن معناها أنه . وقرأ
أبو عبد الرحمن ، وطلحة ، وعاصم في رواية
حفص ( والخامسة ) بالنصب ، بمعنى وتشهد الشهادة الخامسة . الباقون بالرفع على الابتداء ، والخبر في
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=7أن لعنة الله عليه ؛ أي والشهادة الخامسة قوله لعنة الله عليه .
الثانية : في سبب نزولها ، وهو ما رواه
أبو داود ، عن
ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=3500323أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بشريك بن سحماء ؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : البينة أو حد في ظهرك قال : يا رسول الله ، إذا رأى أحدنا رجلا على امرأته يلتمس البينة ! فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : البينة وإلا حد في ظهرك فقال هلال : والذي بعثك بالحق إني لصادق ، ولينزلن الله في أمري ما يبرئ ظهري من الحد ؛ فنزلت nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فقرأ حتى بلغ من الصادقين الحديث بكماله . وقيل : لما نزلت الآية المتقدمة في الذين يرمون المحصنات وتناول ظاهرها الأزواج وغيرهم
nindex.php?page=hadith&LINKID=864081قال nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ : يا رسول الله ، إن وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة ! والله لأضربنه بالسيف غير مصفح عنه . فقال [ ص: 169 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني . وفي ألفاظ سعد روايات مختلفة ، هذا نحو معناها . ثم جاء من بعد ذلك هلال بن أمية الواقفي فرمى زوجته بشريك بن سحماء البلوي على ما ذكرنا ، وعزم النبي - صلى الله عليه وسلم - على ضربه حد القذف ؛ فنزلت هذه الآية عند ذلك ، فجمعهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد وتلاعنا ، فتلكأت المرأة عند الخامسة لما وعظت ، وقيل : إنها موجبة ؛ ثم قالت : لا أفضح قومي سائر اليوم ؛ فالتعنت ، وفرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما ، وولدت غلاما كأنه جمل أورق - على النعت المكروه - ثم كان الغلام بعد ذلك أميرا بمصر ، وهو لا يعرف لنفسه أبا . وجاء أيضا
عويمر العجلاني فرمى امرأته ولاعن . والمشهور أن نازلة
هلال كانت قبل ، وأنها سبب الآية . وقيل : نازلة
عويمر بن أشقر كانت قبل ؛ وهو حديث صحيح مشهور خرجه الأئمة قال
أبو عبد الله بن أبي صفرة : الصحيح أن القاذف لزوجه
عويمر ، وهلال بن أمية خطأ . قال
الطبري يستنكر قوله في الحديث
هلال بن أمية : وإنما القاذف
عويمر بن زيد بن الجد بن العجلاني ، شهد أحدا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، رماها
بشريك بن السحماء ، والسحماء أمه ؛ قيل لها ذلك لسوادها ، وهو ابن
عبدة بن الجد بن العجلاني ؛ كذلك كان يقول أهل الأخبار . وقيل :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864082قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - على الناس في الخطبة يوم الجمعة nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات فقال عاصم بن عدي الأنصاري : جعلني الله فداك ! لو أن رجلا منا وجد على بطن امرأته رجلا ؛ فتكلم فأخبر بما جرى جلد ثمانين ، وسماه المسلمون فاسقا فلا تقبل شهادته ؛ فكيف لأحدنا عند ذلك بأربعة شهداء ، وإلى أن يلتمس أربعة شهود فقد فرغ الرجل من حاجته ! فقال : عليه السلام - : كذلك أنزلت يا عاصم بن عدي . فخرج عاصم سامعا مطيعا ؛ فاستقبله هلال بن أمية يسترجع ؛ فقال : ما وراءك ؟ فقال : شر ، وجدت شريك بن السحماء على بطن امرأتي خولة يزني بها ؛ وخولة هذه بنت عاصم بن عدي ، كذا في هذا الطريق أن الذي وجد مع امرأته
شريكا هو
هلال بن أمية ، والصحيح خلافه حسبما تقدم بيانه . قال
الكلبي : والأظهر أن الذي وجد مع امرأته
شريكا عويمر العجلاني ؛ لكثرة ما روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500324أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لاعن بين العجلاني وامرأته . واتفقوا على أن هذا الزاني هو
شريك بن عبدة وأمه
السحماء ، وكان
عويمر وخولة بنت قيس وشريك بني عم
عاصم ، وكانت هذه القصة في
[ ص: 170 ] شعبان سنة تسع من الهجرة ، منصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من
تبوك إلى
المدينة ؛ قال
الطبري . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن
عبد الله بن جعفر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864084حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين لاعن بين عويمر العجلاني وامرأته ، مرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك ، وأنكر حملها الذي في بطنها وقال هو لابن السحماء ؛ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هات امرأتك فقد نزل القرآن فيكما ؛ فلاعن بينهما بعد العصر عند المنبر على خمل . في طريقه
الواقدي ، عن
الضحاك بن عثمان ، عن
عمران بن أبي أنس قال : سمعت
عبد الله بن جعفر يقول . . . فذكره .
الثالثة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم عام في كل رمي ، سواء قال : زنيت ، أو يا زانية ، أو رأيتها تزني ، أو هذا الولد ليس مني ؛ فإن الآية مشتملة عليه . ويجب اللعان إن لم يأت بأربعة شهداء ؛ وهذا قول جمهور العلماء ، وعامة الفقهاء ، وجماعة أهل الحديث . وقد روي عن
مالك مثل ذلك . وكان
مالك يقول : لا يلاعن إلا أن يقول : رأيتك تزني ؛ أو ينفي حملا أو ولدا منها . وقول
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، ويحيى بن سعيد ، والبتي مثل قول
مالك : إن الملاعنة لا تجب بالقذف ، وإنما تجب بالرؤية ، أو نفي الحمل مع دعوى الاستبراء ؛ هذا هو المشهور عند
مالك ، وقاله
ابن القاسم . والصحيح الأول لعموم قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : وظاهر القرآن يكفي لإيجاب اللعان بمجرد القذف من غير رؤية ؛ فلتعولوا عليه ، لا سيما وفي الحديث الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500325أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : فاذهب فأت بها ولم يكلفه ذكر الرؤية . وأجمعوا أن الأعمى يلاعن إذا قذف امرأته . ولو كانت الرؤية من شرط اللعان ما لاعن الأعمى ؛ قاله
ابن عمر - رضي الله عنهم - . وقد ذكر
ابن القصار ، عن
مالك أن
nindex.php?page=treesubj&link=12253لعان الأعمى لا يصح إلا أن يقول : لمست فرجه في فرجها . والحجة
لمالك ، ومن اتبعه ما رواه
أبو داود ، عن
ابن عباس - رضي الله عنهما - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500326جاء هلال بن أمية وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم ، فجاء من أرضه عشاء فوجد عند أهله رجلا ، فرأى بعينه وسمع بأذنه فلم يهجه حتى أصبح ، ثم غدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إني جئت أهلي عشاء فوجدت عندهم رجلا ، فرأيت بعيني وسمعت بأذني ؛ فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما جاء به واشتد [ ص: 171 ] عليه ؛ فنزلت nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم الآية ؛ وذكر الحديث . وهو نص على أن الملاعنة التي قضى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما كانت في الرؤية ، فلا يجب أن يتعدى ذلك . ومن
nindex.php?page=treesubj&link=12194قذف امرأته ولم يذكر رؤية حد ؛ لعموم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات .
الرابعة : إذا نفى الحمل فإنه يلتعن ؛ لأنه أقوى من الرؤية ولا بد من ذكر عدم الوطء والاستبراء بعده . واختلف علماؤنا في
nindex.php?page=treesubj&link=12778_12818الاستبراء ؛ فقال
المغيرة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك في أحد قوليهما : يجزي في ذلك حيضة . وقال
مالك أيضا : لا ينفيه إلا بثلاث حيض . والصحيح الأول ؛ لأن براءة الرحم من الشغل يقع بها كما في استبراء الأمة ، وإنما راعينا الثلاث حيض في العدد لحكم آخر يأتي بيانه في الطلاق إن شاء الله تعالى . وحكى
اللخمي ، عن
مالك أنه قال مرة : لا ينفى الولد بالاستبراء ؛ لأن الحيض يأتي على الحمل . وبه قال
أشهب في كتاب
ابن المواز ، وقاله
المغيرة . وقال : لا ينفى الولد إلا بخمس سنين لأنه أكثر مدة الحمل على ما تقدم .
الخامسة :
nindex.php?page=treesubj&link=12197اللعان عندنا يكون في كل زوجين حرين كانا أو عبدين ، مؤمنين ، أو كافرين ، فاسقين ، أو عدلين . وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . ولا لعان بين الرجل وأمته ، ولا بينه وبين أم ولده . وقيل : لا ينتفي ولد الأمة عنه إلا بيمين واحدة ؛ بخلاف اللعان . وقد قيل : إنه إذا نفى ولد أم الولد لاعن . والأول تحصيل مذهب
مالك وهو الصواب . وقال
أبو حنيفة : لا يصح اللعان إلا من زوجين حرين مسلمين ؛ وذلك لأن اللعان عنده شهادة ، وعندنا وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يمين ، فكل من صحت يمينه صح قذفه ولعانه . واتفقوا على أنه لا بد أن يكونا مكلفين . وفي قوله : وجد مع امرأته رجلا دليل على أن الملاعنة تجب على كل زوجين ؛ لأنه لم يخص رجلا من رجل ولا امرأة من امرأة ، ونزلت آية اللعان على هذا الجواب فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم ولم يخص زوجا من زوج . وإلى هذا ذهب
مالك ، وأهل المدينة ؛ وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي عبيد ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور . وأيضا فإن
nindex.php?page=treesubj&link=12286اللعان يوجب فسخ النكاح فأشبه الطلاق ؛ فكل من يجوز طلاقه يجوز لعانه . واللعان أيمان لا شهادات ؛ قال الله تعالى وهو أصدق القائلين :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107لشهادتنا أحق من شهادتهما أي أيماننا . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله . ثم قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=2اتخذوا أيمانهم جنة . وقال : عليه السلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500327لولا [ ص: 172 ] الأيمان لكان لي ولها شأن . وأما ما احتج به
الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة فهي حجج لا تقوم على ساق ؛ منها حديث
عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده
عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=864088أربعة ليس بينهم لعان ، ليس بين الحر والأمة لعان ، وليس بين الحرة والعبد لعان ، وليس بين المسلم واليهودية لعان ، وليس بين المسلم والنصرانية لعان ) . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من طرق ضعفها كلها . وروي عن
الأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج وهما إمامان ، عن
عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قوله ، ولم يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - . واحتجوا من جهة النظر أن الأزواج لما استثنوا من جملة الشهداء بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم وجب ألا يلاعن إلا من تجوز شهادته . وأيضا فلو كانت يمينا ما رددت ، والحكمة في ترديدها قيامها في الأعداد مقام الشهود في الزنا . قلنا : هذا يبطل بيمين القسامة فإنها تكرر ، وليست بشهادة إجماعا ؛
nindex.php?page=treesubj&link=33376والحكمة في تكرارها التغليظ في الفروج والدماء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : والفيصل في أنها يمين لا شهادة أن الزوج يحلف لنفسه في إثبات دعواه وتخليصه من العذاب ، وكيف يجوز لأحد أن يدعي في الشريعة أن شاهدا يشهد لنفسه بما يوجب حكما على غيره ! هذا بعيد في الأصل معدوم في النظر .
السادسة : واختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=12250ملاعنة الأخرس ؛ فقال
مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : يلاعن ؛ لأنه ممن يصح طلاقه ، وظهاره ، وإيلاؤه ، إذا فهم ذلك عنه . وقال
أبو حنيفة : لا يلاعن ؛ لأنه ليس من أهل الشهادة ، ولأنه قد ينطق بلسانه فينكر اللعان ، فلا يمكننا إقامة الحد عليه . وقد تقدم هذا المعنى في سورة ( مريم ) ، والدليل عليه ، والحمد لله .
السابعة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : رأى
أبو حنيفة عموم الآية ، فقال : إن
nindex.php?page=treesubj&link=12232الرجل إذا قذف زوجته بالزنا قبل أن يتزوجها فإنه يلاعن ؛ ونسي أن ذلك قد تضمنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات وهذا رماها محصنة غير زوجة ؛ وإنما يكون اللعان في قذف يلحق فيه النسب ، وهذا قذف لا يلحق فيه نسب فلا يوجب لعانا ، كما لو قذف أجنبية .
[ ص: 173 ] الثامنة : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=12194_12228قذفها بعد الطلاق نظرت ؛ فإن كان هنالك نسب يريد أن ينفيه ، أو حمل يتبرأ منه لاعن وإلا لم يلاعن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16542عثمان البتي : لا يلاعن بحال لأنها ليست بزوجة . وقال
أبو حنيفة : لا يلاعن في الوجهين ؛ لأنها ليست بزوجة . وهذا ينتقض عليه بالقذف قبل الزوجية كما ذكرناه آنفا ، بل هذا أولى ؛ لأن النكاح قد تقدم وهو يريد الانتفاء من النسب وتبرئته من ولد يلحق به فلا بد من اللعان . وإذا لم يكن هنالك حمل يرجى ولا نسب يخاف تعلقه لم يكن للعان فائدة فلم يحكم به ، وكان قذفا مطلقا داخلا تحت عموم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات الآية ، فوجب عليه الحد وبطل ما قاله
البتي لظهور فساده .
التاسعة : لا ملاعنة بين الرجل وزوجته بعد انقضاء العدة إلا في مسألة واحدة ، وهي أن يكون
nindex.php?page=treesubj&link=12195الرجل غائبا فتأتي امرأته بولد في مغيبه وهو لا يعلم فيطلقها فتنقضي عدتها ، ثم يقدم فينفيه فله أن يلاعنها هاهنا بعد العدة . وكذلك لو قدم بعد وفاتها ونفى الولد لاعن لنفسه وهي ميتة بعد مدة من العدة ، ويرثها لأنها ماتت قبل وقوع الفرقة بينهما .
العاشرة : إذا انتفى من الحمل ، ووقع ذلك بشرطه لاعن قبل الوضع ؛ وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقال
أبو حنيفة : لا يلاعن إلا بعد أن تضع ، لأنه يحتمل أن يكون ريحا ، أو داء من الأدواء . ودليلنا النص الصريح بأن النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=864089لاعن قبل الوضع ، وقال : إن جاءت به كذا فهو لأبيه وإن جاءت به كذا فهو لفلان فجاءت به على النعت المكروه .
الحادية عشرة : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=12194_12263قذف بالوطء في الدبر لزوجه لاعن . وقال
أبو حنيفة : لا يلاعن ؛ وبناه على أصله في أن اللواط لا يوجب الحد . وهذا فاسد ؛ لأن الرمي به فيه معرة وقد دخل تحت عموم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم وقد تقدم في ( الأعراف ) و ( المؤمنون ) أنه يجب به الحد .
[ ص: 174 ] الثانية عشرة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : من غريب أمر هذا الرجل أنه قال إذا
nindex.php?page=treesubj&link=12276_12278قذف زوجته وأمها بالزنا : إنه إن حد للأم سقط حد البنت ، وإن لاعن للبنت لم يسقط حد الأم ؛ وهذا لا وجه له ، وما رأيت لهم فيه شيئا يحكى ، وهذا باطل جدا ؛ فإنه خص عموم الآية في البنت وهي زوجة بحد الأم من غير أثر ولا أصل قاسه عليه .
الثالثة عشرة : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=12194_12226قذف زوجته ، ثم زنت قبل التعانه فلا حد ولا لعان . وبهذا قال
أبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأكثر أهل العلم . وقال
الثوري ، والمزني : لا يسقط الحد عن القاذف ، وزنا المقذوف بعد أن قذف لا يقدح في حصانته المتقدمة ، ولا يرفعها ؛ لأن الاعتبار الحصانة والعفة في حال القذف لا بعده . كما لو
nindex.php?page=treesubj&link=12373_12194قذف مسلما فارتد المقذوف بعد القذف وقبل أن يحد القاذف لم يسقط الحد عنه . وأيضا فإن
nindex.php?page=treesubj&link=33473الحدود كلها معتبرة بوقت الوجوب لا وقت الإقامة . ودليلنا هو أنه قد ظهر قبل استيفاء اللعان والحد معنى لو كان موجودا في الابتداء منع صحة اللعان ووجوب الحد ، فكذلك إذا طرأ في الثاني ؛ كما إذا
nindex.php?page=treesubj&link=15975شهد شاهدان ظاهرهما العدالة فلم يحكم الحاكم بشهادتهما حتى ظهر فسقهما بأن زنيا أو شربا خمرا فلم يجز للحاكم أن يحكم بشهادتهما تلك . وأيضا فإن الحكم بالعفة والإحصان يؤخذ من طريق الظاهر لا من حيث القطع واليقين ، وقد قال : عليه السلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500328ظهر المؤمن حمى ؛ فلا يحد القاذف إلا بدليل قاطع ، وبالله التوفيق .
الرابعة عشرة : من
nindex.php?page=treesubj&link=12194قذف امرأته وهي كبيرة لا تحمل تلاعنا ؛ هو لدفع الحد ، وهي لدرء العذاب . فإن كانت صغيرة لا تحمل لاعن هو لدفع الحد ولم تلاعن هي لأنها لو أقرت لم يلزمها شيء . وقال
ابن الماجشون : لا حد على قاذف من لم تبلغ . قال
اللخمي : فعلى هذا لا لعان على زوج الصغيرة التي لا تحمل .
[ ص: 175 ] الخامسة عشرة : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=10293شهد أربعة على امرأة بالزنا أحدهم زوجها فإن الزوج يلاعن وتحد الشهود الثلاثة ؛ وهو أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . والقول الثاني أنهم لا يحدون . وقال
أبو حنيفة : إذا شهد الزوج والثلاثة ابتداء قبلت شهادتهم وحدت المرأة . ودليلنا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات الآية . فأخبر أن من قذف محصنا ولم يأت بأربعة شهداء حد ؛ فظاهره يقتضي أن يأتي بأربعة شهداء سوى الرامي ، والزوج رام لزوجته فخرج عن أن يكون أحد الشهود ، والله أعلم .
السادسة عشرة : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=12195ظهر بامرأته حمل فترك أن ينفيه لم يكن له نفيه بعد سكوته . وقال
شريح ، ومجاهد : له أن ينفيه أبدا . وهذا خطأ ؛ لأن سكوته بعد العلم به رضا به ؛ كما لو أقر به ثم ينفيه فإنه لا يقبل منه ، والله أعلم .
السابعة عشرة : فإن أخر ذلك إلى أن وضعت وقال : رجوت أن يكون ريحا يفش أو تسقطه فأستريح من القذف ؛ فهل لنفيه بعد وضعه مدة ما فإذا تجاوزها لم يكن له ذلك ؛ فقد اختلف في ذلك ، فنحن نقول : إذا لم يكن له عذر في سكوته حتى مضت ثلاثة أيام فهو راض به ليس له نفيه ؛ وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقال أيضا : متى أمكنه نفيه على ما جرت به العادة من تمكنه من الحاكم فلم يفعل لم يكن له نفيه من بعد ذلك . وقال
أبو حنيفة : لا أعتبر مدة . وقال
أبو يوسف ، ومحمد : يعتبر فيه أربعون يوما مدة النفاس . قال
ابن القصار : والدليل لقولنا هو أن نفي ولده محرم عليه ، واستلحاق ولد ليس منه محرم عليه ، فلا بد أن يوسع عليه لكي ينظر فيه ويفكر ، هل يجوز له نفيه أو لا . وإنما جعلنا الحد ثلاثة لأنه أول حد الكثرة ، وآخر حد القلة ، وقد جعلت ثلاثة أيام يختبر بها حال المصراة ؛ فكذلك ينبغي أن يكون هنا . وأما
أبو يوسف ، ومحمد فليس اعتبارهم بأولى من اعتبار مدة الولادة والرضاع ؛ إذ لا شاهد لهم في الشريعة ، وقد ذكرنا نحن شاهدا في الشريعة من مدة المصراة .
الثامنة عشرة : قال
ابن القصار : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=12194_12217قالت امرأة لزوجها أو لأجنبي يا زانيه - بالهاء - وكذلك الأجنبي لأجنبي ، فلست أعرف فيه نصا لأصحابنا ، ولكنه عندي يكون قذفا وعلى قائله الحد ، وقد زاد حرفا ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، ومحمد بن الحسن . وقال
أبو حنيفة ، وأبو يوسف : لا يكون قذفا . واتفقوا أنه
nindex.php?page=treesubj&link=12194إذا قال لامرأته يا زان أنه قذف . والدليل على أنه يكون في الرجل قذفا هو أن الخطاب إذا فهم منه معناه ثبت حكمه ، سواء كان بلفظ أعجمي ، أو عربي . ألا ترى أنه
nindex.php?page=treesubj&link=12194إذا قال للمرأة زنيت ( بفتح التاء ) كان قذفا ؛ لأن معناه يفهم منه ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف أنه لما
[ ص: 176 ] جاز أن يخاطب المؤنث بخطاب المذكر لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=30وقال نسوة صلح أن يكون قوله يا زان للمؤنث قذفا . ولما لم يجز أن يؤنث فعل المذكر إذا تقدم عليه لم يكن لخطابه بالمؤنث حكم ، والله أعلم .
التاسعة عشرة :
nindex.php?page=treesubj&link=12227يلاعن في النكاح الفاسد زوجته لأنها صارت فراشا ويلحق النسب فيه فجرى اللعان عليه .
الموفية عشرين : اختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=12344الزوج إذا أبى من الالتعان ؛ فقال
أبو حنيفة : لا حد عليه ؛ لأن الله تعالى جعل على الأجنبي الحد وعلى الزوج اللعان ، فلما لم ينتقل اللعان إلى الأجنبي لم ينتقل الحد إلى الزوج ، ويسجن أبدا حتى يلاعن لأن الحدود لا تؤخر قياسا . وقال
مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وجمهور الفقهاء : إن لم يلتعن الزوج حد ؛ لأن اللعان له براءة كالشهود للأجنبي ، فإن لم يأت الأجنبي بأربعة شهداء حد ، فكذلك الزوج إن لم يلتعن . وفي حديث
العجلاني ما يدل على هذا ؛ لقوله : إن سكت سكت على غيظ ، وإن قتلت قتلت ، وإن نطقت جلدت .
الحادية والعشرون : واختلفوا أيضا
nindex.php?page=treesubj&link=12198_12208هل للزوج أن يلاعن مع شهوده ؛ فقال
مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : يلاعن كان له شهود ، أو لم يكن ؛ لأن الشهود ليس لهم عمل في غير درء الحد ، وأما رفع الفراش ، ونفي الولد فلا بد فيه من اللعان . وقال
أبو حنيفة ، وأصحابه : إنما جعل اللعان للزوج إذا لم يكن له شهود غير نفسه ؛ لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم .
الثانية والعشرون :
nindex.php?page=treesubj&link=33376البداءة في اللعان بما بدأ الله به ، وهو الزوج ؛ وفائدته درء الحد عنه ونفي النسب منه ؛ لقوله - عليه السلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500329البينة وإلا حد في ظهرك . ولو بدئ بالمرأة قبله لم يجز لأنه عكس ما رتبه الله تعالى . وقال
أبو حنيفة : يجزى . وهذا باطل ؛ لأنه خلاف القرآن ، وليس له أصل يرده إليه ، ولا معنى يقوى به ، بل المعنى لنا ؛ لأن المرأة إذا بدأت باللعان فتنفي ما لم يثبت وهذا لا وجه له .
الثالثة والعشرون :
nindex.php?page=treesubj&link=33376وكيفية اللعان أن يقول الحاكم للملاعن : قل أشهد بالله لرأيتها تزني ورأيت فرج الزاني في فرجها كالمرود في المكحلة وما وطئتها بعد رؤيتي . وإن شئت قلت : لقد زنت وما وطئتها بعد زناها . يردد ما شاء من هذين اللفظين أربع مرات ، فإن نكل عن هذه الأيمان ، أو عن شيء منها حد . وإذا نفى حملا قال : أشهد بالله لقد استبرأتها وما وطئتها بعد ، وما هذا الحمل مني ، ويشير إليه ؛ فيحلف بذلك أربع مرات ، ويقول في كل يمين منها : وإني لمن الصادقين في قولي هذا عليها . ثم يقول في الخامسة : علي لعنة الله إن كنت من
[ ص: 177 ] الكاذبين ، وإن شاء قال : إن كنت كاذبا فيما ذكرت عنها . فإذا قال ذلك سقط عنه الحد وانتفى عنه الولد . فإذا فرغ الرجل من التعانه قامت المرأة بعده فحلفت بالله أربعة أيمان ، تقول فيها : أشهد بالله إنه لكاذب ، أو إنه لمن الكاذبين فيما ادعاه علي وذكر عني . وإن كانت حاملا قالت : وإن حملي هذا منه . ثم تقول في الخامسة : وعلي غضب الله إن كان صادقا ، أو إن كان من الصادقين في قوله ذلك . ومن أوجب اللعان بالقذف يقول في كل شهادة من الأربع : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به فلانة من الزنا . ويقول في الخامسة : علي لعنة الله إن كنت كاذبا فيما رميت به من الزنا . وتقول هي : أشهد بالله إنه لكاذب فيما رماني به من الزنا . وتقول في الخامسة : علي غضب الله إن كان صادقا فيما رماني به من الزنا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يقول الملاعن أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجي فلانة بنت فلان ، ويشير إليها إن كانت حاضرة ، يقول ذلك أربع مرات ، ثم يوعظه الإمام ، ويذكره الله تعالى ، ويقول : إني أخاف إن لم تكن صدقت أن تبوء بلعنة الله ؛ فإن رآه يريد أن يمضي على ذلك أمر من يضع يده على فيه ، ويقول : إن قولك وعلي لعنة الله إن كنت من الكاذبين موجبا ؛ فإن أبى تركه يقول ذلك : لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين فيما رميت به فلانة من الزنا . احتج بما رواه
أبو داود ، عن
ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500330أمر رجلا حيث أمر المتلاعنين أن يضع يده على فيه عند الخامسة يقول : إنها موجبة .
الرابعة والعشرون : اختلف العلماء في حكم من
nindex.php?page=treesubj&link=12194_12300قذف امرأته برجل سماه ، هل يحد أم لا ؟ فقال
مالك : عليه اللعان لزوجته ، وحد للمرمي . وبه قال
أبو حنيفة ؛ لأنه قاذف لمن لم يكن له ضرورة إلى قذفه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا حد عليه ؛ لأن الله - عز وجل - لم يجعل على من رمى زوجته بالزنا إلا حدا واحدا بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم ، ولم يفرق بين من ذكر رجلا بعينه وبين من لم يذكر ؛ وقد رمى
العجلاني زوجته
بشريك وكذلك
هلال بن أمية ؛ فلم يحد واحد منهما . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : وظاهر القرآن لنا ؛ لأن الله تعالى وضع الحد في قذف الأجنبي والزوجة مطلقين ، ثم خص حد الزوجة بالخلاص باللعان وبقي الأجنبي على مطلق الآية . وإنما لم يحد
العجلاني nindex.php?page=showalam&ids=16101لشريك ، ولا
هلال لأنه لم يطلبه ؛ وحد القذف لا يقيمه الإمام إلا بعد المطالبة إجماعا منا ومنه .
الخامسة والعشرون :
nindex.php?page=treesubj&link=12287إذا فرغ المتلاعنان من تلاعنهما جميعا تفرقا وخرج كل واحد منهما على باب من المسجد الجامع غير الباب الذي يخرج منه صاحبه ، ولو خرجا من باب
[ ص: 178 ] واحد لم يضر ذلك لعانهما . ولا خلاف في أنه
nindex.php?page=treesubj&link=12357لا يكون اللعان إلا في مسجد جامع تجمع فيه الجمعة بحضرة السلطان ، أو من يقوم مقامه من الحكام . وقد استحب جماعة من أهل العلم أن يكون اللعان في الجامع بعد العصر . وتلتعن النصرانية من زوجها المسلم في الموضع الذي تعظمه من كنيستها مثل ما تلتعن به المسلمة .
السادسة والعشرون : قال
مالك ، وأصحابه :
nindex.php?page=treesubj&link=12288وبتمام اللعان تقع الفرقة بين المتلاعنين ، فلا يجتمعان أبدا ولا يتوارثان ، ولا يحل له مراجعتها أبدا لا قبل زوج ولا بعده ؛ وهو قول
الليث بن سعد ، nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر بن الهذيل ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي . وقال
أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن : لا تقع الفرقة بعد فراغهما من اللعان حتى يفرق الحاكم بينهما ؛ وهو قول
الثوري ؛ لقول
ابن عمر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500331فرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المتلاعنين ؛ فأضاف الفرقة إليه ، ولقوله - عليه السلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500332لا سبيل لك عليها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا أكمل الزوج الشهادة والالتعان فقد زال فراش امرأته ، التعنت أو لم تلتعن . قال : وأما التعان المرأة فإنما هو لدرء الحد عنها لا غير ؛ وليس لالتعانها في زوال الفراش معنى . ولما كان لعان الزوج ينفي الولد ، ويسقط الحد رفع الفراش . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16542عثمان البتي لا يرى التلاعن ينقص شيئا من عصمة الزوجين حتى يطلق . وهذا قول لم يتقدمه إليه أحد من الصحابة ؛ على أن
البتي قد استحب للملاعن أن يطلق بعد اللعان ، ولم يستحسنه قبل ذلك ؛ فدل على أن اللعان عنده قد أحدث حكما . وبقول
عثمان قال
جابر بن زيد فيما ذكره
الطبري ، وحكاه
اللخمي ، عن
محمد بن أبي صفرة . ومشهور المذهب أن نفس تمام اللعان بينهما فرقة . واحتج أهل هذه المقالة بأنه ليس في كتاب الله تعالى إذا لاعن أو لاعنت يجب وقوع الفرقة ، وبقول
عويمر : كذبت عليها إن أمسكتها ؛ فطلقها ثلاثا ، قال : ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك عليه ولم يقل له لم قلت هذا ؟ وأنت لا تحتاج إليه ؛ لأن باللعان قد طلقت . والحجة
لمالك في المشهور ، ومن وافقه ، قوله عليه السلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500333لا سبيل لك عليها . وهذا إعلام منه أن تمام اللعان رفع سبيله عنها وليس تفريقه بينهما باستئناف حكم ، وإنما كان تنفيذا لما أوجب الله تعالى بينهما من المباعدة ، وهو معنى اللعان في اللغة .
[ ص: 179 ] السابعة والعشرون : ذهب الجمهور من العلماء أن
nindex.php?page=treesubj&link=12292المتلاعنين لا يتناكحان أبدا ، فإن أكذب نفسه جلد الحد ، ولحق به الولد ، ولم ترجع إليه أبدا . وعلى هذا السنة التي لا شك فيها ولا اختلاف . وذكر
ابن المنذر ، عن عطاء : أن
nindex.php?page=treesubj&link=12293الملاعن إذا أكذب نفسه بعد اللعان لم يحد ، وقال : قد تفرقا بلعنة من الله . وقال
أبو حنيفة ، ومحمد : إذا أكذب نفسه جلد الحد ولحق به الولد ، وكان خاطبا من الخطاب إن شاء ؛ وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، nindex.php?page=showalam&ids=15136وعبد العزيز بن أبي سلمة ، وقالوا : يعود النكاح حلالا كما لحق به الولد ؛ لأنه لا فرق بين شيء من ذلك . وحجة الجماعة قوله - عليه السلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500334لا سبيل لك عليها ؛ ولم يقل إلا أن تكذب نفسك . وروى ابن
إسحاق ، وجماعة عن
الزهري قال : فمضت السنة أنهما إذا تلاعنا فرق بينهما فلا يجتمعان أبدا . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، ورواه مرفوعا من حديث
سعيد بن جبير ، عن
ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864094المتلاعنان إذا افترقا لا يجتمعان أبدا . وروي عن
علي ، وعبد الله قالا : مضت السنة ألا يجتمع المتلاعنان . عن
علي : أبدا .
الثامنة والعشرون : اللعان يفتقر إلى أربعة أشياء :
وهو أربع شهادات على ما تقدم .
وهو أن يقصد به أشرف البقاع بالبلدان ، إن كان
بمكة فعند
الركن والمقام ، وإن كان
بالمدينة فعند المنبر ، وإن كان
ببيت المقدس فعند الصخرة ، وإن كان في سائر البلدان ففي مساجدها ، وإن كانا كافرين بعث بهما إلى الموضع الذي يعتقدان تعظيمه ، إن كانا يهوديين فالكنيسة ، وإن كانا مجوسيين ففي بيت النار ، وإن كانا لا دين لهما مثل الوثنيين فإنه يلاعن بينهما في مجلس حكمه .
الوقت : وذلك بعد صلاة العصر .
وجمع الناس : وذلك أن يكون هناك أربعة أنفس فصاعدا ؛ فاللفظ وجمع الناس مشروطان ، والزمان والمكان مستحبان .
التاسعة والعشرون : من قال : إن الفراق لا يقع إلا بتمام التعانهما ، فعليه لو مات أحدهما قبل تمامه ورثه الآخر . ومن قال : لا يقع إلا بتفريق الإمام فمات أحدهما قبل ذلك
[ ص: 180 ] وتمام اللعان ورثه الآخر . وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن مات أحدهما قبل أن تلتعن المرأة لم يتوارثا .
الموفية ثلاثين : قال
ابن القصار :
nindex.php?page=treesubj&link=12288تفريق اللعان عندنا ليس بفسخ ؛ وهو مذهب المدونة : فإن اللعان حكم تفريق الطلاق ، ويعطى لغير المدخول بها نصف الصداق . وفي مختصر
ابن الجلاب : لا شيء لها ؛ وهذا على أن تفريق اللعان فسخ .