( ومنها ) الإسلام فإنه عند عامة العلماء ، حتى شرط وقوعه صحيحا . لا يصح تيمم الكافر ، وإن أراد به الإسلام
وروي عن إذا تيمم ينوي الإسلام جاز ، حتى لو أسلم لا يجوز له أن يصلي بذلك التيمم عند العامة وعلى رواية أبي يوسف يجوز ، وجه روايته أن الكافر من أهل نية الإسلام ، والإسلام رأس العبادة فيصح تيممه له بخلاف ما إذا تيمم للصلاة ; لأنه ليس من أهل الصلاة فكان تيممه للصلاة سفها فلا يعتبر . أبي يوسف
( ولنا ) أن التيمم ليس بطهور حقيقة وإنما جعل طهورا للحاجة إلى فعل لا صحة له بدون الطهارة ، والإسلام يصح بدون الطهارة فلا حاجة إلى أن يجعل طهورا في حقه بخلاف الوضوء ; لأنه يصح من الكافر عندنا ; لأنه طهور حقيقة فلا تشترط له الحاجة ليصير طهورا ولهذا لو تيمم مسلم بنية الصوم لم يصح .
وإن كان الصوم عبادة فكذا ههنا بل أولى ; لأن هناك باشتغاله بالتيمم لم يرتكب نهيا ، وههنا ارتكب أعظم نهي ; لأنه بقدر ما اشتغل صار باقيا على الكفر مؤخرا للإسلام ، وتأخير الإسلام من أعظم العصيان ، ثم لما لم يصح ذاك فلأن لا يصح هذا أولى مسلم تيمم ، ثم ارتد عن الإسلام - والعياذ بالله - لم يبطل تيممه ، حتى لو رجع إلى الإسلام له أن يصلي بذلك التيمم ، وعند بطل تيممه ; حتى لا يجوز له أن يصلي بذلك التيمم بعد الإسلام فالإسلام عندنا شرط وقوع التيمم صحيحا لا شرط بقائه على الصحة . زفر
وعند هو شرط بقائه على الصحة أيضا ، زفر يجمع بين حالة الابتداء والبقاء بعلة جامعة بينهما ، وهي ما ذكرنا أنه جعل طهورا مع أنه ليس بطهور حقيقة لمكان الحاجة إلى ما لا صحة له بدون الطهارة من الصلاة [ ص: 53 ] وغيرها ، وذا لا يتصور من الكافر فلا يبقى طهارة في حقه ، ولهذا لم تنعقد طهارة مع الكفر فلا تبقى طهارة معه . فزفر
( ولنا ) أن التيمم وقع طهارة صحيحة فلا يبطل بالردة ; لأن أثر الردة في إبطال العبادات ، والتيمم ليس بعبادة عندنا لكنه طهور ، والردة لا تبطل صفة الطهورية كما لا تبطل صفة الوضوء ، واحتمال الحاجة باق ، لأنه مجبور على الإسلام ، والثابت بيقين يبقى لوهم الفائدة في أصول الشرع إلا أنه لم ينعقد طهارة مع الكفر ; لأن جعله طهارة للحاجة ، والحاجة زائلة للحال بيقين ، وغير الثابت بيقين لا يثبت لوهم الفائدة مع ما أن رجاء الإسلام منه على موجب ديانته واعتقاده منقطع ، والجبر على الإسلام منعدم وهو الفرق بين الابتداء والبقاء .