الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                فأما إذا تزوجت بزوج آخر ثم جاءت بولد فالأمر لا يخلو من أربعة أوجه : إما إن جاءت به لأقل من سنتين منذ طلقها الأول أو مات ولأقل من ستة أشهر منذ تزوجها الثاني وإما إن جاءت به لأكثر من سنتين منذ طلقها الأول أو مات ولستة أشهر فصاعدا منذ تزوجها الثاني وإما إن جاءت به لأقل من سنتين منذ طلقها الأول أو مات ولستة أشهر فصاعدا منذ تزوجها الثاني وإما إن جاءت به لأكثر من سنتين منذ طلقها الأول أو مات ولأقل من ستة أشهر منذ تزوجها الثاني فالولد للأول ; لأنه لا يحتمل أن يكون من الثاني إذ المرأة لا تلد لأقل من ستة أشهر ويحتمل أن يكون من الأول ; لأن الولد يبقى في بطن أمه إلى سنتين وفي الحمل عليه حمل أمرها على الصلاح وأنه واجب ما أمكن .

                                                                                                                                وإن جاءت به لأكثر من سنتين منذ طلقها الأول أو مات ولستة أشهر فصاعدا منذ تزوجها الثاني فهو للثاني ; لأنه لا يحتمل أن يكون من الأول إذ الظاهر من حال العاقلة المسلمة أن لا تتزوج وهي معتدة الغير فصح نكاح الثاني فكان مولودا على فراش صحيح فيثبت نسبه منه وإن جاءت به لأكثر من سنتين منذ طلقها الأول أو مات ولأقل من ستة أشهر منذ تزوجها الثاني لم يكن للأول ولا الثاني ; لأن الولد لا يبقى في البطن أكثر من سنتين والمرأة لا تلد لأقل من ستة أشهر وهل يجوز نكاح الثاني ؟ في قول أبي حنيفة ومحمد جائز .

                                                                                                                                وعند أبي يوسف فاسد ; لأنه إذا لم يثبت النسب من الأول ولا من الثاني كان هذا الحمل من الزنا فيكون بمنزلة رجل تزوج امرأة وهي حامل من الزنا .

                                                                                                                                وذلك على هذا الاختلاف على قول أبي حنيفة ومحمد جاز نكاحها ولكن لا يقربها حتى تضع ، وعلى قول أبي يوسف لا يجوز النكاح ما لم تضع حملها هذا إذا لم يعلم وقت التزوج أنها تزوجت في عدتها فإن علم ذلك وقع النكاح الثاني فاسدا فجاءت بولد فإن النسب يثبت من الأول إن أمكن إثباته منه بأن جاءت به لأقل من سنتين منذ طلقها الأول أو مات عنها ولستة أشهر فصاعدا منذ تزوجها الثاني ; لأن النكاح الثاني فاسد ومهما أمكن إحالة النسب إلى الفراش الصحيح كان أولى وإن لم يمكن إثباته منه وأمكن إثباته من الثاني فالنسب يثبت من الثاني بأن جاءت به لأكثر من سنتين منذ طلقها الأول أو مات ولستة أشهر فصاعدا منذ تزوجها الثاني ; لأن النكاح الثاني وإن كان فاسدا لكن لما تعذر إثبات النسب من النكاح الصحيح فإثباته من النكاح الفاسد أولى من الحمل على الزنا ، والله الموفق .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية