الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما المستأنس من السباع وهو الكلب والسنور الأهلي فلا يحل وكذلك المتوحش منها المسمى بسباع الوحش والطير وهو كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير لما روي في الخبر المشهور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه { نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير } ، وعن الزهري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { كل ذي ناب من السباع حرام } فذو الناب من سباع الوحش مثل الأسد والذئب والضبع والنمر والفهد والثعلب والسنور البري والسنجاب والفنك والسمور والدلق والدب والقرد والفيل ونحوها فلا خلاف في هذه الجملة أنها محرمة إلا الضبع فإنه حلال عند الإمام الشافعي رحمه الله واحتج بما روي عن عطاء عن جابر رضي الله عنهما أنه { قال : في الضبع كبش ، فقلت له : أهو صيد ؟ فقال : نعم ، فقلت : يؤكل ؟ فقال : نعم ، فقلت : أسمعته من رسول الله ؟ صلى الله عليه وسلم فقال : نعم } .

                                                                                                                                ( ولنا ) أن الضبع سبع ذو ناب فيدخل تحت الحديث المشهور وما روي ليس بمشهور فالعمل بالمشهور أولى على أن ما روينا محرم وما رواه محلل والمحرم يقضي على المبيح احتياطا ولا بأس بأكل الأرنب لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال { : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهدى له أعرابي أرنبة مشوية فقال : لأصحابه كلوا } ، وعن محمد بن صفوان أو صفوان بن محمد أنه قال { : أصبت أرنبتين فذبحتهما بمروة وسألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرني بأكلهما } .

                                                                                                                                وذو المخلب من الطير كالبازي والباشق والصقر والشاهين والحدأة والنعاب والنسر والعقاب وما أشبه ذلك فيدخل تحت نهي النبي عليه الصلاة والسلام عن كل ذي مخلب من الطير وروي أنه { نهى عن كل ذي خطفة ونهبة ومجثمة وعن كل ذي ناب من الطير والمجثمة } روي بكسر الثاء وفتحها من الجثوم وهو تلبد الطائر الذي من عادته الجثوم على غيره ليقتله وهو السباع من الطير فيكون نهيا على أكل كل طير هذا عادته وبالفتح هو الصيد الذي يجثم عليه طائر فيقتله فيكون نهيا عن أكل كل طير قتله طير آخر بجثومه عليه وقيل بالفتح هو الذي يرمى حتى يجثم فيموت ، وما لا مخلب له من الطير فالمستأنس منه كالدجاج والبط والمتوحش كالحمام والفاختة والعصافير والقبج والكركي والغراب الذي يأكل الحب والزرع والعقعق ونحوها حلال بالإجماع .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية