وعلى هذا يخرج بيع رباع مكة  ، وإجارتها  أنه لا يجوز عند  أبي حنيفة  رضي الله عنه وروي عنه أنه يجوز ، وبه أخذ  الشافعي  رحمه الله لعمومات البيع من غير فصل بين أرض الحرم  ، وغيرها ، ولأن الأصل في الأراضي كلها أن تكون محلا للتمليك إلا أنه امتنع تملك بعضها شرعا لعارض الوقف كالمساجد ، ونحوها ، ولم يوجد في الحرم  فبقي محلا للتمليك . 
( ولنا ) ما روي عن  ابن عباس  رضي الله تعالى عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : { إن الله - تبارك وتعالى - حرم مكة  يوم خلقها لم تحل لأحد قبلي ، ولا تحل لأحد بعدي ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار لا يختلى خلاها ، ولا يعضد شجرها ، ولا ينفر صيدها ، ولا يحتش حشيشها   } أخبر عليه الصلاة والسلام أن مكة  حرام ، وهي اسم للبقعة ، والحرام لا يكون محلا للتمليك . 
وروي عن  عبد الله ابن سيدنا عمر  رضي الله تعالى عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : { مكة  حرام ، وبيع رباعها حرام   } ، وهذا نص في الباب ، ولأن الله - تبارك وتعالى - وضع للحرم حرمة ، وفضيلة ، ولذلك جعله - سبحانه وتعالى - مأمنا قال الله - تبارك وتعالى جل شأنه - { أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا    } . 
فابتذاله بالبيع ، والشراء ، والتمليك ، والتملك امتهان ، وهذا لا يجوز بخلاف سائر الأراضي ، وقيل : إن بقعة مكة  وقف حرم سيدنا إبراهيم  عليه الصلاة والسلام ولا حجة في العمومات ; لأنه خص منها الحرم  بالحديث المشهور ، ويجوز بيع بناء بيوت مكة     ; لأن الحرم للبقعة لا للبناء . 
وروي عن  أبي حنيفة  رضي الله عنه أنه قال : كره إجارة بيوت مكة   في الموسم من الحاج ، والمعتمر ، فأما من المقيم والمجاور فلا بأس بذلك ، وهو قول  محمد  رحمه الله . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					