الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو كان المبيع دابة ، فركبها ، فإن ركبها لحاجة نفسه كان إجازة ، وإن ركبها ليسقيها أو يشتري لها علفا أو ليردها على بائعها ، فالقياس أن يكون إجازة ; لأنه يمكنه أن يفعل ذلك قودا ، وفي الاستحسان لا يكون إجازة ، وهو على خياره ; لأن ذلك مما لا بد منه خصوصا إذا كانت الدابة صعبة لا تنقاد بالقود ، فكان ذلك من ضرورات الرد ، فلا يجعل إجازة ، ولو ركبها ; لينظر إلى سيرها لا يبطل خياره ; لأنه لا بد له من ذلك للاختيار بخلاف خيار العيب أنه إذا ركبها بعدما علم بالعيب أنه يبطل خياره ; لأن له منه بدا ، ولا حاجة إلى الركوب هناك لمعرفة سيرها ، فكان دليل الرضا بالعيب .

                                                                                                                                ولو كان المبيع ثوبا ، فلبسه ; لينظر إلى قصره من طوله وعرضه لا يبطل خياره ; لأن ذلك مما يحتاج إليه للتجربة والامتحان أنه يوافقه أم لا ، فلم يكن منه بد ، ولو ركب الدابة ; ليعرف سيرها ثم ركبها مرة أخرى ينظر إن ركبها لمعرفة سير آخر غير الأول بأن ركبها مرة ; ليعرف أنها هملاج ، ثم ركبها ثانيا ليعرف سرعة عدوها ، فهو على خياره ; لأن معرفة السيرين مقصودة تقع الحاجة إليها في بعض الدواب ، وإن ركبها لمعرفة السير الأول قالوا : يسقط خياره ، وكذا في استخدام الرقيق إذا استخدمه في نوع ، ثم استخدمه في ذلك النوع قالوا : يسقط خياره ، وبعض مشايخنا قالوا : لا يسقط ; لأن الاختبار لا يحصل بالمرة الواحدة لجواز أن الأول ، وقع اتفاقا ، فيحتاج إلى التكرار لمعرفة العادة ، وفي الثوب إذا لبسه مرة لمعرفة الطول والعرض ، ثم لبسه ثانيا يسقط خياره ; لأنه لا حاجة إلى تكرار اللبس في الثوب لحصول المقصود باللبس مرة واحدة .

                                                                                                                                ولو حمل على الدابة علفا ، فهو إجازة ; لأنه يمكنه حمل العلف على غيرها ، ولو قص حوافرها أو أخذ من عرفها شيئا ، فهو على خياره ; لأنه تصرف لا يختص بالملك إذ هو من باب إصلاح الدابة ، فيملكه كل واحد ، ويكون مأذونا فيه دلالة ، كما إذا علفها أو سقاها ، ولو ودجها أو بزغها ، فهو إجازة ; لأنه تصرف فيها بالتنقيص ، فإن كان شاة ، فحلبها أو شرب لبنها ، فهو إجازة ; لأنه لا يحل إلا بالملك أو الإذن من المالك ، ولم يوجد الإذن ، فكان دليلا على قصد التملك أو التقرير ، فيكون إجازة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية