( فصل ) :
وأما فقد قال بيان من يجب عليه : إنه لا يجب إلا على الرجال العاقلين المقيمين الأحرار من أهل الأمصار والمصلين المكتوبة بجماعة مستحبة ، فلا يجب على النسوان والصبيان والمجانين والمسافرين وأهل القرى ومن يصلي التطوع والفرض ، وقال أبو حنيفة أبو يوسف : يجب على كل من يؤدي مكتوبة في هذه الأيام على أي وصف كان في أي مكان كان وهو قول ومحمد ، وقال إبراهيم النخعي في أحد قوليه : يجب على كل مصل فرضا كانت الصلاة أو نفلا ; لأن النوافل أتباع الفرائض فما شرع في حق الفرائض يكون مشروعا في حقها بطريق التبعية . الشافعي
( ولنا ) ما روي عن علي أنهما كانا لا يكبران عقيب التطوعات ولم يرو عن غيرهما خلاف ذلك فحل محل الإجماع ; ولأن الجهر بالتكبير بدعة إلا في موضع ثبت بالنص وما ورد النص إلا عقيب المكتوبات ولأن الجماعة شرط عند وابن مسعود لما نذكر ، والنوافل لا تؤدى بجماعة وكذا لا يكبر عقيب الوتر عندنا . أبي حنيفة
أما عند أبي يوسف فلأنه نفل ، وأما عند ومحمد فلأنه لا يؤدى بجماعة في هذه الأيام ، ولأنه وإن كان واجبا فليس بمكتوب والجهر [ ص: 198 ] بالتكبير بدعة إلا في مورد النص والإجماع ولا نص ولا إجماع إلا في المكتوبات . أبي حنيفة
وكذا لا يكبر عقيب صلاة العيد عندنا لما قلنا ويكبر عقيب الجمعة ; لأنها فريضة كالظهر .
وأما الكلام مع أصحابنا فهما احتجا بقوله تعالى { ويذكروا اسم الله في أيام معلومات } ، وقوله { واذكروا الله في أيام معدودات } من غير تقييد مكان أو جنس أو حال ; ولأنه من توابع الصلاة بدليل أن ما يوجب قطع الصلاة من الكلام ونحوه يوجب قطع التكبير فكل من صلى المكتوبة ينبغي أن يكبر .
رحمه الله تعالى قول النبي صلى الله عليه وسلم { ولأبي حنيفة } وقول لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع رضي الله عنه لا جمعة ولا تشريق ولا فطر ولا أضحى إلا في مصر جامع . علي
والمراد من التشريق هو رفع الصوت بالتكبير هكذا قال وكان من أرباب اللغة فيجب تصديقه ، ولأن التصديق في اللغة هو الإظهار ، والشروق هو الظهور يقال : شرقت الشمس إذا طلعت وظهرت سمي موضع طلوعها وظهورها مشرقا لهذا ، والتكبير نفسه إظهار لكبرياء الله وهو إظهار ما هو من شعار الإسلام فكان تشريقا ، ولا يجوز حمله على صلاة العيد ; لأن ذلك مستفاد بقوله : ولا فطر ولا أضحى في حديث النضر بن شميل رضي الله عنه ولا على إلقاء لحوم الأضاحي بالمشرقة ; لأن ذلك لا يختص بمكان دون مكان فتعين التكبير مرادا بالتشريق ولأن رفع الصوت بالتكبير من شعائر الإسلام ، وإعلام الدين وما هذا سبيله لا يشرع إلا في موضع يشتهر فيه ويشيع وليس ذلك إلا في المصر الجامع ولهذا يختص به الجمع والأعياد وهذا المعنى يقتضي أن لا يأتي به المنفرد والنسوان ; لأن معنى الاشتهار يختص بالجماعة دون الأفراد ولهذا لا يصلي المنفرد صلاة الجمعة والعيد ، وأمر النسوان مبني على الستر دون الإشهار . علي
وأما الآية الثانية فقد ذكرنا اختلاف أهل التأويل فيها .
وأما الأولى فنحملها على خصوص المكان والجنس والحال عملا بالدليلين بقدر الإمكان وما ذكروا من معنى التبعية مسلم عند وجود شرط المصر والجماعة وغيرهما من الشرائط ، فأما عند عدمها فلا نسلم التبيعة .
ولو ; لأنه صار تابعا لإمامه ألا ترى أنه تغير فرضه أربعا فيكبر بحكم التبعية ، وكذا النساء إذا اقتدين برجل وجب عليهن على سبيل المتابعة فإن اقتدى المسافر بالمقيم وجب عليه التكبير لما قلنا . صلين بجماعة وحدهن فلا تكبير عليهن
وأما ففيه روايتان روى المسافرون إذا صلوا في المصر بجماعة الحسن عن أن عليهم التكبير والأصح أن لا تكبير عليهم ; لأن السفر مغير للفرض مسقط للتكبير ثم في تغير الفرض لا فرق بين أن يصلوا في المصر أو خارج المصر فكذا في سقوط التكبير ، ولأن المصر الجامع شرط والمسافر ليس من أهل المصر فالتحق المصر في حقه بالعدم . أبي حنيفة