( فصل ) :
وأما بيان أن أم لا ؟ فنقول وبالله التوفيق : لا خلاف بين أصحابنا في سائر السنن سوى ركعتي الفجر أنها إذا فاتت عن وقتها لا تقضى سواء فاتت وحدها ، أو مع الفريضة ، وقال السنة إذا فاتت عن وقتها هل تقضى في قول : تقضى قياسا على الوتر ، ولنا ما روت الشافعي { أم سلمة } وفي رواية { أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حجرتي بعد العصر فصلى ركعتين فقلت : يا رسول الله ما هاتان الركعتان اللتان لم تكن تصليهما من قبل ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ركعتان كنت أصليهما بعد الظهر } وهذا نص على أن القضاء غير واجب على الأمة ، وإنما هو شيء اختص به النبي صلى الله عليه وسلم ولا شركة لنا في خصائصه وقياس هذا الحديث أن لا يجب قضاء ركعتي الفجر أصلا ، إلا أنا استحسنا القضاء إذا فاتتا مع الفرض لحديث ليلة التعريس ، ولأن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عبارة عن طريقته وذلك بالفعل في وقت خاص على هيئة مخصوصة على ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم فالفعل في وقت آخر لا يكون سلوك طريقته ، فلا يكون سنة بل يكون تطوعا مطلقا . ركعتا الظهر شغلني عنهما الوفد فكرهت أن أصليهما بحضرة الناس فيروني ، فقلت : أفأقضيهما إذا فاتتا ؟ فقال : لا
وأما ركعتا الفجر إذا فاتتا مع الفرض فقد فعلهما النبي صلى الله عليه وسلم مع الفرض ليلة التعريس فنحن نفعل ذلك لنكون على طريقته ، وهذا بخلاف الوتر ; لأنه واجب عند على ما ذكرنا ، والواجب ملحق بالفرض في حق العمل ، وعندهما وإن كان سنة مؤكدة لكنهما عرفا وجوب القضاء بالنص الذي روينا فيما تقدم . أبي حنيفة
أما سنة الفجر فإن فاتت مع الفرض تقضى مع الفرض استحسانا لحديث ليلة التعريس فإن النبي صلى الله عليه وسلم { فأذن فصلى ركعتي الفجر ، ثم أمره فأقام فصلى صلاة الفجر بلالا } . لما نام في ذلك الوادي ثم استيقظ بحر الشمس فارتحل منه ثم نزل وأمر
وأما إذا فاتت وحدها لا تقضى عند ، وأبي يوسف ، وقال أبي حنيفة : تقضى إذا ارتفعت الشمس قبل الزوال ، واحتج بحديث ليلة التعريس أنه صلى الله عليه وسلم { محمد قضاهما بعد [ ص: 288 ] طلوع الشمس قبل الزوال } فصار ذلك وقت قضائهما ، ولهما أن السنن شرعت توابع للفرائض فلو قضيت في وقت لا أداء فيه للفرائض لصارت السنن أصلا ، وبطلت التبعية فلم تبق سنن مؤكدة ; لأنها كانت سنة بوصف التبعية ، وليلة التعريس فاتتا مع الفرض فقضيتا تبعا للفرض ، ولا كلام فيه إنما الخلاف فيما إذا فاتتا وحدهما ، ولا وجه إلى قضائهما وحدهما لما بينا ، ولهذا لا يقضى غيرهما من السنن ولا هما يقضيان بعد الزوال .