هذا إذا أفسد التطوع بشيء من أضداد الصلاة في الوضع من الحدث العمد والكلام والقهقهة وعمل كثير ليس من أعمال الصلاة ، فأما إذا أفسده بترك القراءة بأن فعليه قضاء ركعتين في قول صلى التطوع أربعا ، ولم يقرأ فيهن شيئا أبي حنيفة ، وعند ومحمد عليه قضاء الأربع وهي من المسائل المعروفة بثمان مسائل ، والأصل فيها أن الشفع الأول متى فسد بترك القراءة تبقى التحريمة عند أبي يوسف فيصح الشروع في الشفع الثاني ، وعند أبي يوسف متى فسد الشفع الأول لا تبقى التحريمة ، فلا يصح الشروع في الشفع الثاني ، وعند محمد إن فسد الشفع الأول بترك القراءة فيهما بطلت التحريمة ، فلا يصح الشروع في الشفع الثاني ، وإن فسد بترك القراءة في إحداهما بقيت التحريمة فيصح الشروع في الشفع الثاني . أبي حنيفة
وجه قول : أن القراءة فرض في كل شفع من النفل في الركعتين جميعا فكما يفسد الشفع بترك القراءة فيهما ، يفسد بترك القراءة في إحداهما لفوات ما هو ركن ، كما لو ترك الركوع أو السجود أنه لا يفترق الحال بين الترك في الركعتين أو في إحداهما ، كذا هذا وصار ترك القراءة في الإفساد ، والحدث العمد والكلام سواء فإذا فسدت الأفعال لم تبق التحريمة ; لأنها تبقى لتوحيد الأفعال المختلفة فإذا فسدت الأفعال لا تبقى هي فلم يصح الشروع في الشفع الثاني لعدم التحريمة فلا يتصور الفساد ولأبي يوسف أن الأفعال وإن بطلت بترك القراءة ركنا ولكن بقيت التحريمة ; لأنها ما عقدت لهذا الشفع خاصة بل له الشفع الثاني ألا ترى أنه لو قرأ يصح بناء الشفع الثاني عليه فإذا لم تبطل التحريمة صح الشروع في الشفع الثاني ، ثم يفسد هو أيضا بترك القراءة فيه ، محمد أنه لا بقاء للتحريمة مع بطلان الأفعال كما إذا ترك ركنا آخرا ، وتكلم أو أحدث عمدا ; لأنها للجمع بين الأفعال المختلفة لتجعلها كلها عبادة واحدة فتبطل ببطلان الأفعال كما قال ولأبي حنيفة غير أنه إذا ترك القراءة في الشفع الأول في الركعتين جميعا علم فساد الشفع بيقين لترك الركن بيقين ، فأما إذا قرأ في إحدى الأوليين لم يعلم يقينا بفساد هذا الشفع ; لأن محمد كان يقول : بجواز الصلاة بوجود القراءة في ركعة واحدة ، وقوله وإن كان فاسدا لكن إنما عرفنا فساده بدليل اجتهادي غير موجب علم اليقين ، بل يجوز أن يكون الصحيح قوله غير أنا عرفنا صحة ما ذهبنا إليه وفساد ما ذهب إليه بغالب الرأي فلم نحكم ببطلان التحريمة الثانية بيقين بالشك ، ولأن الشفع الأول متى دار بين الجواز والفساد كان الاحتياط في الحكم بفساده ليجب عليه القضاء ، وببقاء التحريمة ليصح الشروع في الشفع الثاني ليجب عليه القضاء بوجود مفسد في هذا الشفع أيضا إذا عرفت هذا الأصل ، فنقول إذا ترك القراءة في الأربع كلها يلزمه قضاء ركعتين في قول الحسن البصري ، أبي حنيفة ومحمد ; لأن التحريمة قد بطلت بفساد الشفع الأول بيقين فلم يصح الشروع في الشفع الثاني ، فلا يلزمه القضاء بالإفساد لعدم الإفساد ، وعند وزفر عليه قضاء الأربع ; لأن التحريمة بقيت وإن فسد الشفع [ ص: 294 ] الأول ، فيصح الشروع في الشفع الثاني ثم يفسد بترك القراءة أيضا ، فيجب قضاء الشفعين جميعا . أبي يوسف
ولو عند ترك القراءة في إحدى الأوليين وإحدى الأخريين ، أو قرأ في إحدى الأوليين فحسب يلزمه قضاء الشفع الأول لا غير ; لأن الشفع الأول فسد بترك القراءة في إحدى الركعتين من هذا الشفع فبطلت التحريمة فلم يصح الشروع في الشفع الثاني ، وعند محمد أبي حنيفة يلزمه قضاء الأربع أما عند أبي يوسف فلعدم بطلان التحريمة بفساد الصلاة ، وعند وأبي يوسف لكون الفساد غير ثابت بدليل مقطوع به فبقيت التحريمة فصح الشروع في الشفع الثاني ، ثم فسد الشفع الثاني بترك القراءة في الركعتين أو في إحداهما . أبي حنيفة
ولو يلزمه قضاء ركعتين وهو الشفع الأول بالإجماع ; لأنه فسد بترك القراءة في الركعتين فيلزمه قضاؤه ; فأما الشفع الثاني فعند ترك القراءة في الأوليين وقرأ في الأخريين صلاة كاملة ; لأن الشروع فيه قد صح لبقاء التحريمة ، وقد وجدت القراءة في الركعتين جميعا فصح ، وعند أبي يوسف أبي حنيفة ومحمد لما بطلت التحريمة لم يصح الشروع في الشفع الثاني فلم تكن صلاة فلا يجب إلا قضاء الشفع الأول ، والأخريان لا يكونان قضاء عن الأوليين بالإجماع أما عند وزفر أبي حنيفة ومحمد ; فلأن الشفع الثاني ليس بصلاة لانعدام التحريمة ، وعند وزفر وإن كان صلاة لكنه بناه على تلك التحريمة ، وأنها انعقدت للأداء ، والتحريمة الواحدة لا يتسع فيها الأداء والقضاء . أبي يوسف
ولو عند قرأ في إحدى الأوليين لا غير يلزمه قضاء ركعتين ، وعند محمد أبي حنيفة ، قضاء الأربع ، وذكر في بعض نسخ الجامع الصغير قول وأبي يوسف مع أبي حنيفة ، والصحيح ما ذكرنا من الدلائل . محمد
ولو عند قرأ في إحدى الأخريين لا غير يلزمه قضاء الأربع ، وعند أبي يوسف أبي حنيفة ومحمد يلزمه قضاء الشفع الأول لا غير . وزفر
ولو يلزمه قضاء الشفع الأخير عند الكل وكذا ، لو قرأ في الأوليين لا غير وهذا كله إذا قعد بين الشفعين قدر التشهد فأما إذا لم يقعد تفسد صلاته عند ترك القراءة في إحدى الأخريين بترك القعدة ولا تتأتى هذه التفريعات عنده . محمد