الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ومنها أن القراءة في التطوع في الركعات كلها فرض ، والمفروض من القراءة في ذوات الأربع من المكتوبات في ركعتين منها فقط حتى لو ترك القراءة في الشفع الأول من الفرض لا يفسد الشفع الثاني بل يقضيها في الشفع الثاني ، أو يؤديها بخلاف التطوع لما ذكرنا أن كل شفع من التطوع صلاة على حدة ، وقد روي عن عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت رضي الله عنهم موقوفا عليهم ، ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا يصلى بعد صلاة مثلها } قال محمد : تأويله لا يصلى بعد صلاة مثلها من التطوع على هيئة الفريضة في القراءة أي : ركعتان بقراءة وركعتان بغير قراءة أي : لا يصلي بعد أربع الفريضة أربعا من التطوع يقرأ في ركعتين ولا يقرأ في ركعتين ، والنهي عن الفعل أمر بضده ، فكان هذا أمر بالقراءة في الركعات كلها في التطوع ، ولا يحمل على المماثلة في أعداد الركعات ; لأن ذلك غير منهي بالإجماع كالفجر بعد الركعتين ، والظهر بعد الأربع في حق المقيم ، والركعتين بعد الظهر في حق المسافر ، وتأويل أبي يوسف أي : لا تعاد الفرائض الفوائت ; لأنه في بداية الإسلام كانت الفرائض تقضى ثم تعاد من الغد لوقتها فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك .

                                                                                                                                ومصداق هذا التأويل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { : من نام عن صلاة ، أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ، أو استيقظ من الغد لوقتها } ، ثم نسخ هذا الحديث بقوله { لا يصلى بعد صلاة مثلها } ويمكن حمل الحديث على النهي عن قضاء الفرض بعد أدائه مخافة دخول فساد فيه بحكم الوسوسة وتكون فائدة الحديث على هذا التأويل وجوب دفع الوسوسة ، والنهي عن اتباعها ، ويجوز أن يحمل الحديث على النهي عن تكرار الجماعة في مسجد واحد ، وعلى هذا التأويل يكون الحديث حجة لنا على الشافعي في تلك المسألة والله أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية