مطلب في غسل اليدين 
( ومنها ) : غسل اليدين إلى الرسغين قبل إدخالهما في الإناء للمستيقظ من منامه  وقال قوم : إنه فرض ، ثم اختلفوا فيما بينهم ، منهم من قال : إنه فرض من نوم الليل ، والنهار ، ومنهم من قال : إنه فرض من نوم الليل خاصة ، واحتجوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ، فإنه لا يدري أين باتت يده   } ، والنهي عن الغمس يدل على كون الغسل فرضا . 
( ولنا ) أن الغسل لو وجب لا يخلو إما أن يجب من الحدث ، أو من النجس ، ولا سبيل إلى الأول ; لأنه لا يجب الغسل من الحدث إلا مرة واحدة ، فلو أوجبنا عليه غسل العضو عند استيقاظه من منامه مرة ، ومرة عند الوضوء ، لأوجبنا عليه الغسل عند الحدث مرتين ، ولا سبيل إلى الثاني ; لأن النجس غير معلوم بل هو موهوم وإليه أشار في الحديث حيث قال . 
{ فإنه لا يدري أين باتت يده   } ، وهذا إشارة إلى توهم النجاسة ، واحتمالها فيناسبه الندب إلى الغسل ، واستحبابه لا الإيجاب ; لأن الأصل هو الطهارة ، فلا تثبت النجاسة بالشك ، والاحتمال ، فكان الحديث محمولا على نهي التنزيه لا التحريم ، واختلف المشايخ في وقت غسل اليدين أنه قبل الاستنجاء بالماء أو بعده ؟  على ثلاثة أقوال : قال بعضهم قبله وقال بعضهم : بعده وقال بعضهم : قبله ، وبعده تكميلا للتطهير . 
				
						
						
