( فصل ) :
وأما بيان فنقول : إنها تفسد بما تفسد به سائر الصلوات وهو ما ذكرنا من الحدث العمد ، والكلام ، والقهقهة ، وغيرها من نواقض الصلاة إلا المحاذاة فإنها غير مفسدة في هذه الصلاة ; لأن فساد الصلاة بالمحاذاة عرف بالنص ، والنص ورد في الصلاة المطلقة فلا يلحق بها غيرها ، ولهذا لم يلحق بها سجدة التلاوة حتى لم تكن المحاذاة فيها مفسدة . ما تفسد به صلاة الجنازة
وكذا القهقهة في هذه الصلاة لا تنقض الطهارة ; لأنا عرفنا القهقهة حدثا بالنص الوارد في صلاة مطلقة فلا يجعل واردا ، في غيرها فرق بين هاتين المسألتين وبين البناء : فإنه لو سبقه الحدث في صلاة الجنازة يبني ، وإن عرف البناء بالنص وأنه وارد في صلاة مطلقة ، والفرق أن القهقهة جعلت حدثا لقبحها في الصلاة ، وقبحها يزداد بزيادة حرمة الصلاة ولا شك أن حرمة الصلاة المطلقة فوق حرمة صلاة الجنازة فكان قبحها في تلك الصلاة فوق قبحها في هذه فجعلها حدثا هناك لا يدل على جعلها حدثا ههنا ، وكذا المحاذاة جعلت مفسدة في تلك الصلاة تعظيما لها وليست هذه مثل تلك في معنى التعظيم ، بخلاف البناء ; لأن الجواز وتحمل المشي في أعلى العبادتين يوجب التحمل والجواز في أدناهما دلالة ، ولأنا لو لم نجوز البناء ههنا تفوته الصلاة أصلا ; لأن الناس يفرغون من الصلاة قبل رجوعه من التوضؤ ولا يمكنه الاستدراك بالإعادة لما مر .
ولو لم نجوز البناء هناك لفاتته الصلاة أصلا فلما جاز البناء هناك فلأن يجوز ههنا أولى .