وأما العقل والبلوغ فليسا من شرائط أهلية وجوب العشر حتى يجب العشر في أرض الصبي والمجنون لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم { } ; ولأن العشر مؤنة الأرض كالخراج ولهذا لا يجتمعان عندنا ولهذا يجوز للإمام أن يمد يده إليه فيأخذه جبرا ويسقط عن صاحب الأرض كما لو أدى بنفسه إلا أنه إذا أدى بنفسه يقع عبادة فينال ثواب العبادة . ما سقته السماء ففيه العشر وما سقي بغرب ، أو دالية ففيه نصف العشر
وإذا أخذها الإمام كرها لا يكون له ثواب فعل العبادة وإنما يكون ثواب ذهاب ماله في وجه الله تعالى بمنزلة ثواب المصائب كرها بخلاف الزكاة فإن الإمام لا يملك الأخذ جبرا وإن أخذ لا تسقط الزكاة عن صاحب المال ; ولهذا لو مات من عليه العشر والطعام قائم يؤخذ منه بخلاف الزكاة فإنها تسقط بموت من هي عليه .
وكذا ملك الأرض ليس بشرط لوجوب العشر وإنما فيجب في الأراضي التي لا مالك لها وهي الأراضي الموقوفة لعموم قوله تعالى { الشرط ملك الخارج يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض } وقوله عز وجل { وآتوا حقه يوم حصاده } وقول النبي صلى الله عليه وسلم { } ; ولأن العشر يجب في الخارج لا في الأرض فكان ملك الأرض وعدمه بمنزلة واحدة . ما سقته السماء ففيه العشر وما سقي بغرب ، أو دالية ففيه نصف العشر
ويجب في أرض المأذون والمكاتب لما قلنا ولو عنده وعندهما على المستأجر . آجر أرضه العشرية فعشر الخارج على المؤاجر
وجه قولهما ظاهر لما ذكرنا أن العشر يجب في الخارج والخارج ملك المستأجر فكان العشر عليه كالمستعير أن الخارج للمؤاجر معنى ; لأن بدله وهو الأجرة له فصار كأنه زرع بنفسه ، وفيه إشكال ; لأن الأجر قابل للمنفعة لا الخارج ، والعشر يجب في الخارج عندهما والخارج يسلم للمستأجر من غير عوض فيجب فيه العشر . ولأبي حنيفة
والجواب أن الخارج في إجارة الأرض إن كان عينا حقيقية فله حكم المنفعة فيقابله الأجر فكان الخارج للآجر معنى فكان العشر عليه فإن هلك الخارج فإن كان قبل الحصاد فلا عشر على المؤاجر ويجب الأجر على المستأجر ; لأن الأجر يجب بالتمكن من الانتفاع وقد تمكن منه وإن هلك بعد الحصاد لا يسقط عن المؤاجر عشر الخارج ; لأن العشر كان يجب عليه دينا في ذمته ولا يجب في الخارج عنده حتى يسقط بهلاكه فلا يسقط عنه العشر بهلاكه ولا يسقط الأجر عن المستأجر أيضا وعند أبي يوسف العشر في الخارج فيكون على من حصل له الخارج ولو هلك بعد الحصاد ، أو قبله هلك بما فيه من العشر . ومحمد
ولو فالعشر على المستعير عند أصحابنا الثلاثة ، وعند أعارها من مسلم فزرعها على المعير وهكذا روى زفر عن عبد الله بن المبارك ولا خلاف في أن الخراج على المعير . أبي حنيفة
وجه قول أن الإعارة تمليك المنفعة بغير عوض فكان هبة المنفعة فأشبه هبة الزرع ، ولنا أن المنفعة حصلت للمستعير صورة ومعنى إذ لم يحصل للمعير في مقابلتها عوض فكان العشر على المستعير . زفر
ولو أعارها من كافر فكذلك الجواب عندهما ; لأن العشر عندهما في الخارج على كل حال .
وعن فيه روايتان في رواية العشر في الخارج ، وفي رواية على رب المال ولو دفعها مزارعة فإما على مذهبهما فالمزارعة جائزة والعشر يجب في الخارج والخارج بينهما فيجب العشر عليهما . أبي حنيفة
وأما على مذهب فالمزارعة فاسدة ولو كان يجيزها كان يجب على مذهبه جميع العشر على رب الأرض إلا أن في حصته جميع العشر يجب في عينه وفي حصة المزارع يكون دينا في ذمته . أبي حنيفة
ولو فإن لم تنقصها الزراعة فالعشر على الغاصب في الخارج لا على رب الأرض ; لأنه لم تسلم له منفعة كما في العارية وإن نقصتها الزراعة فعلى الغاصب نقصان الأرض كأنه آجرها منه وعشر الخارج على رب الأرض عند غصب غاصب أرضا عشرية فزرعها وعندهما في الخارج . أبي حنيفة
ولو كانت الأرض خراجية في الوجوه كلها فخراجها على رب الأرض بالإجماع إلا في الغصب إذا لم تنقصها الزراعة فخراجها على الغاصب وإن نقصتها فعلى رب الأرض كأنه آجرها منه وقال : انظر إلى نقصان الأرض وإلى الخراج فإن كان ضمان النقصان أكثر من الخراج فالخراج على رب الأرض يأخذ من الغاصب النقصان فيؤدي الخراج منه وإن كان ضمان النقصان أقل من الخراج على الغاصب وسقط عنه ضمان النقصان . محمد
ولو فعشره على البائع دون المشتري ; لأنه باعه بعد وجوب العشر وتقرره بالإدراك . باع الأرض العشرية وفيها زرع [ ص: 57 ] قد أدرك مع زرعها أو باع الزرع خاصة
ولو أيضا لتقرر الوجوب في البقل بالقصل . باعها والزرع بقل فإن قصله المشتري للحال فعشره على البائع
وإن تركه حتى أدرك فعشره على المشتري في قول أبي حنيفة لتحول الوجوب من الساق إلى الحب . ومحمد
وروي عن أنه قال : عشر قدر البقل على البائع وعشر الزيادة على المشتري . أبي يوسف
وكذلك حكم الثمار على هذا التفصيل .
وكذا عدم الدين ليس بشرط لوجوب العشر ; لأن في ظاهر الرواية بخلاف الزكاة المعهودة وقد مضى الفرق فيما تقدم . الدين لا يمنع وجوب العشر