الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما الجوع والعطش الشديد الذي يخاف منه الهلاك : فمبيح مطلق بمنزلة المرض الذي يخاف منه الهلاك بسبب الصوم ، لما ذكرنا وكذا كبر السن حتى يباح للشيخ الفاني أن يفطر في شهر رمضان لأنه عاجز عن الصوم وعليه الفدية عند عامة العلماء .

                                                                                                                                وقال مالك : لا فدية عليه ، وجه قوله أن الله تعالى ، أوجب الفدية على المطيق للصوم بقوله تعالى { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } وهو لا يطيق الصوم فلا تلزمه الفدية ، وما قاله مالك خلاف إجماع السلف ، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجبوا الفدية على الشيخ الفاني ، فكان ذلك إجماعا منهم على أن المراد من الآية الشيخ الفاني إما على إضمار حرف لا في الآية على ما بينا ، وإما على إضمار كانوا أي : وعلى الذين كانوا يطيقونه " أي : الصوم ثم عجزوا عنه فدية طعام مسكين والله أعلم ولأن الصوم لما فاته مست الحاجة إلى الجابر وتعذر جبره بالصوم فيجبر بالفدية ، وتجعل الفدية مثلا للصوم شرعا في هذه الحالة للضرورة كالقيمة في ضمان المتلفات ، ومقدار الفدية مقدار صدقة الفطر ، وهو أن يطعم عن كل يوم مسكينا مقدار ما يطعم في صدقة الفطر .

                                                                                                                                وقد ذكرنا ذلك في صدقة الفطر وذكرنا الاختلاف فيه .

                                                                                                                                ثم هذه الأعذار كما ترخص ، أو تبيح الفطر في شهر رمضان ترخص ، أو تبيح في المنذور في وقت بعينه ، حتى لو جاء وقت الصوم وهو مريض مرضا لا يستطيع معه الصوم ، أو يستطيع مع ضرر أفطر وقضى .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية