وأما فليس شيء من ذلك حدثا عند عامة العلماء وقال بعضهم : كل ذلك حدث ورووا في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { تغميض الميت وغسله وحمل الجنازة وأكل ما مسته النار والكلام الفاحش } ، وعن من غمض ميتا فليتوضأ ، ومن غسل ميتا فليغتسل ، ومن حمل جنازة فليتوضأ عائشة رضي الله عنها أنها قالت للمتسابين إن بعض ما أنتما فيه لشر من الحدث فجددا الوضوء ، وعن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أبي هريرة } ، ومنهم من أوجب من لحم الإبل خاصة . توضئوا مما مسته النار
وروي { ، ولا تتوضئوا من لحوم الغنم توضئوا من لحوم الإبل } ( ولنا ) ما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { } وقال إنما علينا الوضوء مما يخرج ليس مما يدخل رضي الله عنهما الوضوء مما يخرج ، يعني : الخارج النجس ، ولم يوجد ، والمعنى في المسألة أن الحدث هو خروج النجس حقيقة ، أو ما هو سبب الخروج ، ولم يوجد ، وإليه أشار ابن عباس رضي الله عنهما حين بلغه حديث حمل الجنازة فقال أنتوضأ من مس عيدان يابسة ، ولأن هذه الأشياء مما يغلب وجودها فلو جعل شيء من ذلك حدثا لوقع الناس في الحرج ، وما رووا أخبار آحاد وردت فيما تعم به البلوى ، ويغلب وجوده ، ولا يقبل خبر الواحد في مثله ، لأنه دليل عدم الثبوت إذ لو ثبت لاشتهر بخلاف خبر القهقهة فإنه من المشاهير مع أنه ما ورد فيما لا تعم به البلوى ، لأن القهقهة في الصلاة مما لا يغلب وجوده ، ولو ثبت ما رووا فالمراد من الوضوء بتغميض الميت غسل اليد لأن ذلك الموضع لا يخلو عن قذارة عادة ، وكذا بأكل ما مسته النار ، ولهذا خص لحم الإبل في رواية ; لأن له [ ص: 33 ] من اللزوجة ما ليس لغيره ، وهكذا روي { ابن عباس أنه أكل طعاما فغسل يديه وقال هكذا الوضوء مما مسته النار } ، والمراد من حديث الغسل فليغتسل إذا أصابته الغسالات النجسة وقوله فليتوضأ في حمل الجنازة للمحدث ليتمكن من الصلاة عليه ، وعائشة رضي الله عنها إنما ندبت المتسابين إلى تجديد الوضوء تكفيرا لذنب سبهما .