[ تفسير ذاك وذلك ]
تفسير ذاك وذلك : التهذيب : قال
أبو الهيثم : إذا بعد المشار إليه من المخاطب وكان المخاطب بعيدا ممن يشير إليه زادوا كافا فقالوا ذاك أخوك ، وهذه الكاف ليست في موضع خفض ولا نصب ، إنما أشبهت كاف قولك أخاك وعصاك ، فتوهم السامعون أن قول القائل ذاك أخوك كأنها في موضع خفض لإشباهها كاف أخاك ، وليس ذلك كذلك ، إنما تلك كاف ضمت إلى ذا لبعد ذا من المخاطب ، فلما دخل فيها هذا اللبس زادوا فيها لاما فقالوا : ذلك أخوك ، وفي الجماعة أولئك إخوتك ، فإن اللام إذا دخلت ذهبت بمعنى الإضافة ، ويقال : هذا أخوك وهذا أخ لك وهذا لك أخ ، فإذا أدخلت اللام فلا إضافة .
قال
أبو الهيثم : وقد أعلمتك أن الرفع والنصب والخفض في قوله ذا سواء ، تقول : مررت بذا ، ورأيت ذا ، وقام ذا ، فلا يكون فيها علامة رفع الإعراب ولا خفضه ولا نصبه لأنه غير متمكن ، فلما ثنوا زادوا في التثنية نونا وأبقوا الألف فقالوا : ذان أخواك وذانك أخواك .
قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32فذانك برهانان من ربك ؛ ومن العرب من يشدد هذه النون فيقول ذانك أخواك ، قال : وهم الذين يزيدون اللام في ذلك فيقولون ذلك ، فجعلوا هذه التشديدة بدل اللام ؛ وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد في باب ذا الذي قد مر آنفا :
أمن زينب ذي النار قبيل الصبح ما تخبو إذا ما خمدت يلقى
عليها المندل الرطب
قال
أبو العباس : ذي معناه ذه .
يقال : ذا عبد الله ، وذي أمة الله ، وذه أمة الله ، وته أمة الله ، وتا أمة الله ، قال : ويقال : هذي هند ، وهاته هند ، وهاتا هند ، على زيادة ها التنبيه ، قال : وإذا صغرت ذه قلت تيا تصغير ته أو تا ، ولا تصغر ذه على لفظها لأنك إذا صغرت ذا قلت ذيا ، ولو صغرت ذه لقلت ذيا فالتبس بالمذكر ، فصغروا ما يخالف فيه المؤنث المذكر .
قال : والمبهمات يخالف تصغيرها تصغير سائر الأسماء .
وقال
الأخفش في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32فذانك برهانان من ربك قال : وقرأ بعضهم ( فذانك برهانان ) ، قال : وهم الذين قالوا ذلك أدخلوا التثقيل للتأكيد كما أدخلوا اللام في ذلك .
وقال
الفراء : شددوا هذه النون ليفرق بينها وبين النون التي تسقط للإضافة لأن هذان وهاتان لا تضافان .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : هي من لغة من قال هذا آ قال ذلك ، فزادوا على الألف ألفا كما زادوا على النون نونا ليفصل بينهما وبين الأسماء المتمكنة .
وقال
الفراء : اجتمع القراء على تخفيف النون من ذانك وكثير من العرب فيقول فذانك قائمان وهذان قائمان واللذان قالا
[ ص: 9 ] ذلك .
وقال
أبو إسحاق : فذانك تثنية ذاك وذانك تثنية ذلك ، يكون بدل اللام في ذلك تشديد النون في ذانك .
وقال
أبو إسحاق : الاسم من ذلك ذا والكاف زيدت للمخاطبة فلا حظ لها في الإعراب .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : لو كان لها حظ في الإعراب لقلت ذلك نفسك زيد ، وهذا خطأ .
ولا يجوز إلا ذلك نفسه زيد ، وكذلك ذانك يشهد أن الكاف لا موضع لها ولو كان لها موضع لكان جرا بالإضافة ، والنون لا تدخل مع الإضافة واللام زيدت مع ذلك للتوكيد .
تقول : ذلك الحق وهذاك الحق ، ويقبح هذالك الحق لأن اللام قد أكدت مع الإشارة وكسرت لالتقاء الساكنين ، أعني الألف من ذا ، واللام التي بعدها كان ينبغي أن تكون اللام ساكنة ولكنها كسرت لما قلنا ، والله أعلم .
[ تَفْسِيرُ ذَاكَ وَذَلِكَ ]
تَفْسِيرُ ذَاكَ وَذَلِكَ : التَّهْذِيبُ : قَالَ
أَبُو الْهَيْثَمِ : إِذَا بَعُدَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ مِنَ الْمُخَاطَبِ وَكَانَ الْمُخَاطِبُ بَعِيدًا مِمَّنْ يُشِيرُ إِلَيْهِ زَادُوا كَافًا فَقَالُوا ذَاكَ أَخُوكَ ، وَهَذِهِ الْكَافُ لَيْسَتْ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ وَلَا نَصْبٍ ، إِنَّمَا أَشْبَهَتْ كَافَ قَوْلِكَ أَخَاكَ وَعَصَاكَ ، فَتَوَهَّمَ السَّامِعُونَ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ ذَاكَ أَخُوكَ كَأَنَّهَا فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ لِإِشْبَاهِهَا كَافَ أَخَاكَ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، إِنَّمَا تِلْكَ كَافٌ ضُمَّتْ إِلَى ذَا لِبُعْدِ ذَا مِنَ الْمُخَاطَبِ ، فَلَمَّا دَخَلَ فِيهَا هَذَا اللَّبْسُ زَادُوا فِيهَا لَامًا فَقَالُوا : ذَلِكَ أَخُوكَ ، وَفِي الْجَمَاعَةِ أُولَئِكَ إِخْوَتُكَ ، فَإِنَّ اللَّامَ إِذَا دَخَلَتْ ذَهَبَتْ بِمَعْنَى الْإِضَافَةِ ، وَيُقَالُ : هَذَا أَخُوكَ وَهَذَا أَخٌ لَكَ وَهَذَا لَكَ أَخٌ ، فَإِذَا أَدْخَلْتَ اللَّامَ فَلَا إِضَافَةَ .
قَالَ
أَبُو الْهَيْثَمِ : وَقَدْ أَعْلَمْتُكَ أَنَّ الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ وَالْخَفْضَ فِي قَوْلِهِ ذَا سَوَاءٌ ، تَقُولُ : مَرَرْتُ بِذَا ، وَرَأَيْتُ ذَا ، وَقَامَ ذَا ، فَلَا يَكُونُ فِيهَا عَلَامَةُ رَفْعِ الْإِعْرَابِ وَلَا خَفْضِهِ وَلَا نَصْبِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ ، فَلَمَّا ثَنَّوْا زَادُوا فِي التَّثْنِيَةِ نُونًا وَأَبْقَوُا الْأَلِفَ فَقَالُوا : ذَانِ أَخَوَاكَ وَذَانِكَ أَخَوَاكَ .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ ؛ وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُشَدِّدُ هَذِهِ النُّونَ فَيَقُولُ ذَانِّكَ أَخَوَاكَ ، قَالَ : وَهُمُ الَّذِينَ يَزِيدُونَ اللَّامَ فِي ذَلِكَ فَيَقُولُونَ ذَلِكَ ، فَجَعَلُوا هَذِهِ التَّشْدِيدَةَ بَدَلَ اللَّامِ ؛ وَأَنْشَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ فِي بَابِ ذَا الَّذِي قَدْ مَرَّ آنِفًا :
أَمِنْ زَيْنَبَ ذِي النَّارُ قُبَيْلَ الصُّبْحِ مَا تَخْبُو إِذَا مَا خَمَدَتْ يُلْقَى
عَلَيْهَا الْمَنْدَلُ الرَّطْبُ
قَالَ
أَبُو الْعَبَّاسِ : ذِي مَعْنَاهُ ذِهْ .
يُقَالُ : ذَا عَبْدُ اللَّهِ ، وَذِي أَمَةُ اللَّهِ ، وَذِهْ أَمَةُ اللَّهِ ، وَتِهْ أَمَةُ اللَّهِ ، وَتَّا أَمَةُ اللَّهِ ، قَالَ : وَيُقَالُ : هَذِي هِنْدُ ، وَهَاتِهِ هِنْدُ ، وَهَاتَا هِنْدُ ، عَلَى زِيَادَةِ هَا التَّنْبِيهِ ، قَالَ : وَإِذَا صُغِّرَتْ ذِهِ قُلْتَ تَيَّا تَصْغِيرُ تِهِ أَوْ تَا ، وَلَا تُصَغَّرُ ذِهِ عَلَى لَفْظِهَا لِأَنَّكَ إِذَا صَغَّرْتَ ذَا قَلَّتْ ذَيَّا ، وَلَوْ صَغَّرَتْ ذِهِ لَقُلْتَ ذَيَّا فَالْتَبَسَ بِالْمُذَكَّرِ ، فَصَغَرُوا مَا يُخَالِفُ فِيهِ الْمُؤَنَّثُ الْمُذَكَّرَ .
قَالَ : وَالْمُبْهَمَاتُ يُخَالِفُ تَصْغِيرُهَا تَصْغِيرَ سَائِرِ الْأَسْمَاءِ .
وَقَالَ
الْأَخْفَشُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=32فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ قَالَ : وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ ( فَذَانِّكَ بُرْهَانَانِ ) ، قَالَ : وَهُمُ الَّذِينَ قَالُوا ذَلِكَ أَدْخَلُوا التَّثْقِيلَ لِلتَّأْكِيدِ كَمَا أَدْخَلُوا اللَّامَ فِي ذَلِكَ .
وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : شَدَّدُوا هَذِهِ النُّونَ لِيُفْرَقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النُّونِ الَّتِي تَسْقُطُ لِلْإِضَافَةِ لِأَنَّ هَذَانِ وَهَاتَانِ لَا تُضَافَانَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ : هِيَ مِنْ لُغَةِ مَنْ قَالَ هَذَا آ قَالَ ذَلِكَ ، فَزَادُوا عَلَى الْأَلِفِ أَلِفًا كَمَا زَادُوا عَلَى النُّونِ نُونًا لِيُفْصَلَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأَسْمَاءِ الْمُتَمَكِّنَةِ .
وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : اجْتَمَعَ الْقُرَّاءُ عَلَى تَخْفِيفِ النُّونِ مَنْ ذَانِكَ وَكَثِيرٌ مِنَ الْعَرَبِ فَيَقُولُ فَذَانِكَ قَائِمَانِ وَهَذَانِ قَائِمَانِ وَاللَّذَانِ قَالَا
[ ص: 9 ] ذَلِكَ .
وَقَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ : فَذَانِكَ تَثْنِيَةُ ذَاكَ وَذَانِّكَ تَثْنِيَةُ ذَلِكَ ، يَكُونُ بَدَلَ اللَّامِ فِي ذَلِكَ تَشْدِيدُ النُّونِ فِي ذَانِّكَ .
وَقَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ : الِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ ذَا وَالْكَافُ زِيدَتْ لِلْمُخَاطَبَةِ فَلَا حَظَ لَهَا فِي الْإِعْرَابِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : لَوْ كَانَ لَهَا حَظٌّ فِي الْإِعْرَابِ لَقُلْتَ ذَلِكَ نَفْسُكَ زَيْدُ ، وَهَذَا خَطَأٌ .
وَلَا يَجُوزُ إِلَّا ذَلِكَ نَفْسُهُ زَيْدٌ ، وَكَذَلِكَ ذَانِكَ يَشْهَدُ أَنَّ الْكَافَ لَا مَوْضِعَ لَهَا وَلَوْ كَانَ لَهَا مَوْضِعٌ لَكَانَ جَرًّا بِالْإِضَافَةِ ، وَالنُّونُ لَا تَدْخُلُ مَعَ الْإِضَافَةِ وَاللَّامُ زِيدَتْ مَعَ ذَلِكَ لِلتَّوْكِيدِ .
تَقُولُ : ذَلِكَ الْحَقُّ وَهَذَاكَ الْحَقُّ ، وَيَقْبُحُ هَذَالِكَ الْحَقُّ لِأَنَّ اللَّامَ قَدْ أَكَّدَتْ مَعَ الْإِشَارَةِ وَكُسِرَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ ، أَعْنِي الْأَلِفَ مِنْ ذَا ، وَاللَّامُ الَّتِي بَعْدَهَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ اللَّامُ سَاكِنَةً وَلَكِنَّهَا كُسِرَتْ لِمَا قُلْنَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .