قال أبو عبيدة : غزت بنو ذبيان بني عامر وهم بساحوق ، وعلى ذبيان سنان بن أبي حارثة المري ، وقد جهزهم وأعطاهم الخيل والإبل وزودهم ، فأصابوا نعما كثيرة وعادوا ، فلحقتهم بنو عامر واقتتلوا قتالا شديدا . ثم انهزمت بنو عامر وأصيب منهم رجال وركبوا الفلاة ، فهلك أكثرهم عطشا ، وكان الحر شديدا ، وجعلت ذبيان تدرك الرجل منهم فيقولون له : قف ولك نفسك وضع سلاحك ، فيفعل . وكان يوما عظيما على عامر ، وانهزم عامر بن الطفيل وأخوه الحكم ، ثم إن الحكم ضعف وخاف أن يؤسر ، فجعل في عنقه حبلا وصعد إلى شجرة وشده ودلى نفسه فاختنق ، وفعل مثله رجل من بني غني ، فلما ألقى نفسه ندم فاضطرب ، فأدركوه وخلصوه وعيروه بجزعه ، وقال عروة بن الورد العبسي في ذلك :
ونحن صبحنا عامرا في ديارها علالة أرماح وضربا مذكرا بكل رقاق الشفرتين مهند
ولدن من الخطي قد طر أسمرا عجبت لهم إذ يخنقون نفوسهم
ومقتلهم تحت الوغى كان أجدرا