[ ص: 576 ] النباة يوم
قال أبو عبيدة : خرجت بنو عامر تريد غطفان لتدرك بثأرها يوم الرقم ويوم ساحوق ، فصادفت بني عبس وليس معهم أحد من غطفان ، وكانت عبس لم تشهد يوم الرقم ولا يوم ساحوق مع غطفان ولم يعينوهم على بني عامر ، وقيل : بل شهدها أشجع وفزارة وغيرهما من بني غطفان على ما نذكره .
قال : وأغارت بنو عامر على نعم بني عبس وذبيان وأشجع ، فأخذوها وعادوا متوجهين إلى بلادهم فضلوا في الطريق ، فسلكوا وادي النباة فأمعنوا فيه ولا طريق لهم ولا مطلع حتى قاربوا آخره . وكاد الجبلان يلتقيان إذا هم بامرأة من بني عبس تخبط الشجر لهم في قلة الجبل . فسألوها عن المطلع . فقالت لهم : الفوارس المطلع ، وكانت قد رأت الخيل قد أقبلت وهي على الجبل ، ولم يرها بنو عامر لأنهم في الوادي ، فأرسلوا رجلا إلى قلة الجبل ينظر ، فقال لهم : أرى قوما كأنهم الصبيان على متون الخيل ، أسنة رماحهم عند آذان خيلهم . قالوا : تلك فزارة ، قال : وأرى قوما بيضا جعادا كأن عليهم ثيابا حمرا . قالوا : تلك أشجع . قال : وأرى قوما نسورا قد قلعوا خيولهم بسوادهم ، كأنما يحملونها حملا بأفخاذهم ، آخذين بعوامل رماحهم يجرونها قالوا : تلك عبس ، أتاكم الموت الزؤام ! ولحقهم الطلب بالوادي ، فكان عامر بن الطفيل أول من سبق على فرسه الورد ففات القوم ، وأعيا فرسه الورد ، وهو المربوق أيضا فعقره لئلا تفتحله فزارة ، واقتتل الناس ، ودام القتال بينهم ، فانهزمت عامر فقتل منهم مقتلة كبيرة ، قتل فيها من أشرافهم البراء بن عامر بن مالك ، وبه يكنى أبوه ، وقتل نهشل وأنس وهزار بنو مرة بن أنس بن خالد بن جعفر ، وقتلوا عبد الله بن الطفيل أخا عامر ، قتله الربيع بن زياد العبسي ، وغيرهم كثير ، وتمت الهزيمة على بني عامر .