[ ص: 564 ] المروت يوم
وهو يوم بين تميم وعامر بن صعصعة .
وكان سببه أنه التقى قعنب بن عتاب الرياحي وبحير بن عبد الله بن سلمة العامري بعكاظ ، فقال بحير لقعنب : ما فعلت فرسك البيضاء ؟ قال : هي عندي ، وما سؤالك عنها ؟ قال : لأنها نجتك من يوم كذا وكذا ، فأنكر قعنب ذلك وتلاعنا وتداعيا أن يجعل الله ميتة الكاذب بيد الصادق ، فمكثا ما شاء الله . وجمع بحير بني عامر وسار بهم فأغار على بني العنبر بن عمرو بن تميم بإرم الكلبة وهم خلوف ، فاستاق السبي والنعم ولم يلق قتالا شديدا ، وأتى الصريخ بني العنبر بن عمرو بن تميم ، وبني مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم ، وبني يربوع بن حنظلة ، فركبوا في الطلب ، فتقدمت عمرو بن تميم .
فلما انتهى بحير إلى المروت قال : يا بني عامر انظروا هل ترون شيئا ؟ قالوا : نرى خيلا عارضة رماحها على كواهل خيلها . قال : هذه عمرو بن تميم وليست بشيء ، فلحق بهم بنو عمرو فقاتلوهم شيئا من قتال ثم صدروا عنهم ، ومضى بحير ، ثم قال : يا بني عامر انظروا هل ترون شيئا ؟ قالوا : نرى خيلا ناصبة رماحها . قال : هذه مالك بن حنظلة وليست بشيء ، فلحقوا فقاتلوا شيئا من قتال ثم صدروا عنهم ، ومضى بحير وقال : يا بني عامر انظروا هل ترون شيئا ؟ قالوا : نرى خيلا ليست معها رماح وكأنما عليها الصبيان . قال : هذه يربوع رماحها بين آذان خيلها ، إياكم والموت الزؤام ، فاصبروا ولا أرى أن تنجوا .
فكان أول من لحق من بني يربوع الواقعة وهو نعيم بن عتاب ، وكان يسمى الواقعة لبليته ، فحمل على المثلم القشيري فأسره ، وحملت قشير على دوكس بن واقد بن حوط فقتلوه ، وأسر نعيم المصفى القشيري فقتله ، وحمل كدام بن بجيلة المازني على بحير فعانقه ، ولم يكن لقعنب همة إلا بحير ، فنظر إليه وإلى كدام قد تعانقا فأقبل نحوهما ، فقال كدام : يا قعنب أسيري . فقال قعنب : ماز رأسك والسيف ، يريد : يا مازني . فخلى عنه كدام وشد عليه قعنب فضربه فقتله ، وحمل قعنب أيضا على صهبان ، وأم صهبان مازنية ، فأسره ، فقالت بنو مازن : يا قعنب قتلت أسيرنا فأعطنا ابن [ ص: 565 ] أخينا مكانه . فدفع إليهم صهبان في بحير ، فرضوا بذلك ، واستنقذت بنو يربوع أموال بني العنبر وسبيهم من بني عامر وعادوا .
( بحير : بفتح الباء الموحدة ، وكسر الحاء المهملة ) .