الأنصار ، وهم الأوس والخزرج التي جرت بينهم أيام
الأنصار لقب قبيلتي الأوس والخزرج ابني حارثة بن ثعلبة العنقاء بن عمرو مزيقاء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرئ القيس البطريق بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، لقبهم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما هاجر إليهم ومنعوه ونصروه .
وأم الأوس والخزرج قيلة بنت كاهل بن عذرة بن سعد ، ولذلك يقال لهم أبناء قيلة . وإنما لقب ثعلبة العنقاء لطول عنقه ، ولقب عمرو مزيقياء لأنه كان يمزق عنه كل يوم حلة لئلا يلبسها أحد بعده ، ولقب عامر ماء السماء لسماحته وبذله كأنه ناب مناب المطر ، وقيل لشرفه ، ولقب امرؤ القيس البطريق لأنه أول من استعان به بنو إسرائيل من العرب بعد بلقيس ، فبطرقه رحبعم بن سليمان بن داود ، عليه السلام ، فقيل له البطريق .
وكانت مساكن الأزد بمأرب من اليمن إلى أن أخبر الكهان عمرو بن عامر مزيقياء [ ص: 584 ] أن سيل العرم يخرب بلادهم ، ويغرق أكثر أهلها عقوبة لهم بتكذيبهم رسل الله تعالى إليهم . فلما علم ذلك عمرو باع ما له من مال وعقار ، وسار عن مأرب هو ومن تبعه ، ثم تفرقوا في البلاد فسكن كل بطن ناحية اختاروها ، فسكنت خزاعة الحجاز ، وسكنت غسان الشام .
ولما سار ثعلبة بن عمرو بن عامر فيمن معه اجتازوا بالمدينة ، وكانت تسمى يثرب ، فتخلف بها الأوس والخزرج ابنا حارثة فيمن معهما ، وكان فيها قرى وأسواق وبها قبائل من اليهود من بني إسرائيل وغيرهم ، منهم قريظة والنضير وبنو قينقاع وبنو ماسلة وزعورا وغيرهم ، وقد بنوا لهم حصونا يجتمعون بها إذا خافوا . فنزل عليهم الأوس والخزرج فابتنوا المساكن والحصون ، إلا أن الغلبة والحكم لليهود إلى أن كان من الفطيون ومالك بن العجلان ما نذكره إن شاء الله تعالى ، فعادت الغلبة للأوس والخزرج ، ولم يزالوا على حال اتفاق واجتماع إلى أن حدث بينهم حرب سمير ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى .